تقرير صادم يرصد اختلالات التعليم بالمغرب وقصور ميثاق التربية

لم يحمل تقييم المجلس الأعلى للتعليم حول تطبيق الميثاق الوطني للتربية التكوين خلال الفترة ما بين 2000 و2013 أي مفاجئات تذكر، بقدر ما أكد على أن المنظومة التعليمية بالمغرب تعاني من العديد من الاختلالات الخطيرة، وبأن الميثاق لم يتمكن من بلوغ الأهداف التي سطرها.
التقرير الذي تم تقديمه يوم الجمعة الماضية، من طرف رحمة بورقية رئيسة الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين، انطلق بالحديث أولا عن الموارد المالية التي تمت تعبئتها للتربية والتعليم العالي ارتفعت التي ارتفعت بـ 22 مليار درهم، بانتقالها من 24.8 مليار درهم سنة 2001 إلى 62 مليار درهم سنة 2011، بيد أن كل هذه الموارد المالية لم تؤدي إلى تكوين الأساتذة وإكسابهم القدرات البيداغوجية الضرورية، "كما أن التكوين الذي يحظى به المدرسون اليوم يفتقر إلى الانسجام والتنظيم وهو ما يحد من آثاره الإيجابية على مستوى تأهيل المتعلمين" يقول التقرير.
وانتقد التقرير "التغييرات المتكررة" التي مست القطاعات الثلاثة (التربية الوطنية، التعليم العالي، التكوين المهني) بسبب التعديلات الحكومية، لأن هذه التغييرات "أضرت بالاستمرارية الضرورية لمراكمة المكتسبات التنظيمية والإدارية"، وتحدث التقرير عن "ارتباك" يحدث في العملية التعليمية كلما حصل تعديل حكومي، خصوصا وأن "التغييرات لا تأتي بابتكارات إيجابية تخص سير المؤسسات المدرسية والجامعية".
ومن بين الاختلالات التي رصدها التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين هي "ضعف الإبداع في المناهج المدرسية"، نظرا لكونها "بقيت مركزة على المحتوى وأغفلت الكفايات"، وأضاف التقرير أن المناهج المدرسية "همشت" المواد التي "تهكيل المكان والزمان لدى التلميذ" وتلقنه قيم المواطنة، التسامح وحقوق الإنسان.
وعلى مستوى تعميم التعليم، فقد أكد التقرير أن نمو التعليم في سلك التعليم الأولي "مازال ضعيفا" في العالم القروي، أما في العالم الحضري فالقطاع الخاص هو من يتكلف بمهمة توفير التعليم الأولي للأطفال، ويشكل الطابع الثنائي للتعليم الأولي بين تعليم عتيق وعصري، "عائقا" أمام هذا النمط من التعليم ويحد من انسجامه وجودته من وجهة نظر نفس الوثيقة التي سجلت هيمنة التعليم العتيق على حساب التعليم الأولي العصري.
وتطرق التقرير أيضا إلى تراكم أعداد التلاميذ الذين يغادرون التعليم، منتقدا عدم تكفل التربية غير النظامية والتكوين المهني بالتلاميذ المنقطعين عن الدراسة إلا "بشكل جزئي"، وهو ما يجعل من ظاهرة الانقطاع عن الدراسة تواصل تغذيتها للأمية في المغرب، الأمر الذي دفع التقرير إلى إعلان فشل الميثاق "بلوغ هدف محو الأمية في صفوف الشباب".
ومن بين نقاط الضعف التي أظهرها تقييم المجلس لتطبيق الميثاق الوطني للتربية، هي غياب مواكبة الإصلاحات التي يعرفها النظام التعليمي المغربي "بآليات لتتبع وتقييم الإنجازات التي تم الوصول إليها"، كما يلاحظ التقرير أن تتبع الإصلاحات التي أوصى بها الميثاق "لم ترتكز على نظام إعلامي عملي يضمن تجميع المعلومات والمعطيات"، ليخلص إلى كون الميثاق "لا يتوفر على نظام للحكامة لأنه لا يتوفر على معلومات ذات مصداقية".
ولم يفت التقرير أن يتحدث عن إشكالية اللغة لدى تلاميذ المملكة، "الذين يعانون من نقص لغوي" وهو نقص يعيق عملية التعليم يقول التقرير الذي أكد أن مكتسبات التلاميذ في اللغة "تبقى جد ضعيفة في القراءة والكتابة"، ومن بين المشاكل التي طرحها التقرير في مسألة اللغة هي التباعد بين لغة التدريس بالتعليم الثانوي واللغة المستعلمة بالتعليم العالي.
وعلى الرغم من أن التقرير تحدث عن بعض الإجراءات التي اتخذتها بعض الجامعات لإرساء اختبارات التدقيق اللغوي، إلا هذه الإجراءات لم تأتي بالنتائج ملموسة حسب ما توصل إليه التقرير من خلال تأكيده على أن مستوى طلبة التخصصات العلمية في الفرنسية "غالبا لا يرضي الأساتذة وهو الأمر الذي يساهم في الانقطاع المكثف للطلبة عن الدراسة في السنة الجامعية الأولى"، بالإضافة إلى أن عدد مدرسي اللغات يعتبر "غير كافي بالنسبة لحاجيات الطلبة".

Post a Comment

إضافة تعليق على الموضوع مع عدم تضمنه لعبارات مسيئة
شكرا على مشاركتكم

أحدث أقدم