كلمة وزير التربية الوطنية بيوم دراسي حول تنزيل استراتيجية إصلاح التعليم - 19 دجنبر 2017


كلمة السيد وزير التربية الوطنية بالنيابة - لقاء الدراسي منظم من طرف فريق العدالة والتنمية بالغرفة الأولى حول موضوع: " الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين بين إكراهات التنزيل وآفاق التطوير".

-نص الكلمة متوصل بها و معالجة من طرف الموقع بدون تصرف -
باسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛
السيد رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي؛
السيد رئيس فريق العدالة والتنمية؛
السيدات والسادة أعضاء الفريق؛
السادة المتدخلون الأفاضل؛ 
حضرات السيدات والسادة؛ 
أيها الحضور الكريم؛
يسعدني أن أشارك في أشغال هذا اليوم الدراسي حول تنزيل الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، منوها بهذه المبادرة الطيبة لفريق العدالة والتنمية، التي ستتيح لنا فرصة للنقاش، وتبادل الآراء، حول تنزيل هذا الإصلاح الجوهري.
ويطيب لي، بهذه المناسبة، أن أتقدم بخالص الشكر للسيد رئيس الفريق على دعوته الكريمة، وأن أعبر عن تقديري للمجهودات القيمة لمنظمي هذا اللقاء، ولحسن اختيارهم للمواضيع الأساسية لأشغاله، التي تلامس تنزيل الإصلاح من زوايا متعددة، ستوفر لنا صورة متكاملة حول هذا الورش الوطني الكبير الذي يضعه صاحب الجلالة نصره الله في قائمة الأسبقيات الوطنية بعد قضية الوحدة الترابية.
حضرات السيدات والسادة؛
منذ اعتماد الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، انخرطت الوزارة في سيرورة عملية لأجرأتها الفعلية، وتنزيلها الميداني، من خلال بلورة خطط عمل إجرائية، تعتمد في مقوماتها المنهجية على مرتكزين جوهريين:
1.
الشمولية والنسقية في التنزيل، باستحضار مختلف أهداف الإصلاح المرتبطة بالإنصاف وتكافؤ الفرص، والجودة، والارتقاء الفردي والمجتمعي؛ 
2.
التدرج في التنفيذ، وتحديد وإعادة ترتيب الأولويات برسم كل مرحلة من مراحل الإنجاز، لضمان أكبر قدر من الفعالية والنجاعة في التنفيذ.
وانطلقا من ذلك، وبعد أن عملت الوزارة في مرحلة سابقة على التنزيل الأولي لمجموعة من أهداف الرؤية الاستراتيجية من خلال "التدابير ذات الأولوية"، وضعت الوزارة حافظة للمشاريع الاستراتيجية المندمجة، تراعي الأفق البعيد للإصلاح الذي يمتد إلى غاية سنة 2030، ثم قامت، بعد ذلك، بتحضير المخطط التنفيذي للبرنامج الحكومي برسم الفترة 2016 -2021، علما أن البرنامج الحكومي استند في توجهاته على مرجعية الرؤية الاستراتيجية.
وإمعانا في ترتيب الأولويات ارتباطا بمواعيد الدخول المدرسي، فقد اعتمدت الوزارة برنامج عمل متعدد السنوات، يحدد أولويات العمل برسم كل موسم دراسي برسم الخمس سنوات الحالية والمقبلة.
هذا بخصوص سيرورة ومنهجية التنزيل المعتمدة. أما فيما يتعلق بالحصيلة الأولية للأجرأة الفعلية للرؤية الاستراتيجية، ومراعاة لوقت المداخلة، فسوف أقتصر على بعض المنجزات والأوراش الأساسية المفتوحة، ارتباطا بالمجالات المحورية للإصلاح.
حضرات السيدات والسادة؛
فيما يتعلق بمجال الإنصاف وتكافؤ الفرص، فقد اتخذت الوزارة مجموعة من التدابير التي تروم تطوير العرض التربوي، وتحسين ظروف التعلم والتمدرس، وتعزيز جاذبية المدرسة، في أفق تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في تعميم التعليم بفرص متكافئة. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى ما يلي:
1.
مواصلة توسيع العرض من المؤسسات التعليمية، والتي بلغ عددها الحالي 10.915 مؤسسة، مما مكن من توفير 166.087 حجرة دراسية، إضافة إلى 868 داخلية.
2.
تأهيل 9.917 مؤسسة تعليمية و 799 داخلية وتجديد الأثاث المدرسي متمثلا في 350.000 طاولة و233.000 سبورة و146.500 مكتب للأستاذ، و146.500 كرسي.
3.
اتخاذ التدابير اللازمة للحد من الاكتظاظ بالفصول الدراسية بهدف بلوغ 30 تلميذا بالقسم كحد أقصى بالسنة أولى ابتدائي، و36 تلميذا كحد أقصى بباقي المستويات، إلى جانب اعتماد القسم المشترك بمستويين دراسيين اثنين فقط وبأقل من 30 تلميذا. وهكذا، وبالسنة أولى ابتدائي، فقد بلغ المعدل الوطني للتلاميذ بالقسم الواحد 25 تلميذا، وبلغت نسبة الأقسام التي لا يتعدى عدد التلاميذ بها 34 تلميذا 92% من مجموع الأقسام، وارتفع عدد الأقسام الدراسية (بالسنة الأولى ابتدائي دائما) بين الموسم الدراسي الحالي والموسم السابق بحوالي 5.600 قسم إضافي.
أما بباقي المستويات التعليمية، فيبلغ المعدل الوطني للتلاميذ بالقسم الواحد 30 تلميذا، وتبلغ نسبة الأقسام التي لا يتعدى عدد التلاميذ بها 44 تلميذا 98.8%.
4.
تعزيز خدمات الدعم الاجتماعي، حيث من المتوقع أن يصل عدد المستفيدين من المبادرة الملكية "مليون محفظة" برسم الموسم الدراسي الجاري، ما مجموعه 4 262 598 تلميذا، بالإضافة إلى 1 410 928 تلميذا مستفيدا من الداخليات والمطاعم المدرسية، و 736 380 تلميذا و830 474 أسرة مستفيدين من برنامج "تيسير".
5.
استقبال تلاميذ 5 سنوات ونصف بالسنة أولى بمؤسسات التعليم العمومي.
وكما يعلم الجميع، فقد ظل الاكتظاظ بالفصول الدراسية، وتردي الفضاءات المدرسية، إشكالين بنيويين لازما المنظومة لسنوات عدة، وساهما في الحد من مردوديتها الداخلية والخارجية.
ويرجع الفضل في تحقيق هذه النتائج الأولية، إلى العناية الملكية السامية المتواصلة بالمنظومة، والدعم الحكومي لأوراش الإصلاح، بما مكن من توظيف 35 ألف مدرس خلال موسم دراسي واحد (موظفو الأكاديميات بموجب عقود)، كما تتهيأ الوزارة حاليا لتوظيف 20 ألف مدرس إضافي.



وستواصل الوزارة برسم الدخول المدرسي المقبل، الذي شُرِعَ في التحضير المبكر له منذ الآن، العمل على مواصلة تفعيل مختلف هذه الأوراش، إلى جانب تمكين الأساتذة الجدد من تكوين ملائم، لضمان ظروف جيدة للتعلم والتمدرس، تساهم في تحقيق أهداف الإنصاف والجودة على حد سواء.
حضرات السيدات والسادة؛
فيما يتعلق بمجال تطوير النموذج البيداغوجي وتحسين جودة التربية والتكوين، فقد اتخذت الوزارة مجموعة من التدابير الرامية إلى تحسين الكفايات الأساس لتلاميذ التعليم الابتدائي، وتحسين الكفايات الأساس لتلاميذ التعليم الابتدائي، والانفتاح على المهن والاندماج في الحياة العملية، إلى جانب تعزيز التكامل بين مكونات المنظومة. وبهذا الخصوص، فقد عملت الوزارة بشكل أساسي على:
1.
تفعيل الإطار المرجعي للتعليم الأولي، وإعداد منهاج التربية ما قبل مدرسية لفائدة الفئة العمرية من الأطفال 4-6 سنوات، لتشكل مرجعا لكل المتدخلين في مجال التعليم الأولي:
2.
تحسين الكفايات الأساس لتلاميذ التعليم الابتدائي، عبر تطوير تدريس اللغة العربية بالسنة الأولى من السلك الابتدائي حسب الطريقة المقطعية (الأحرفية)، وإدراج اللغة الفرنسية في السنة الأولى من السلك الابتدائي (التعلم الشفهي) بداية من شهر شتنبر 2017؛
3.
إدماج المقاربة الجديدة لتدريس وتعلم اللغات الأجنبية ((Approche actionnelle في الطبعات الجديدة للكتاب المدرسي للمستويين الخامس والسادس ابتدائي (طبعات شتنبر 2017)؛
4.
تطوير الرصيد اللغوي لتلميذات وتلاميذ السلك الإعدادي من خلال أنشطة مدمجة في مواد العلوم والرياضيات بهدف تعزيز المهارات القرائية باللغة العربية لهذه الفئة؛
5.
إدماج المقاربة الجديدة لتعليم وتعلم اللغات الأجنبية ((Approche actionnelle في الطبعات الجديدة للكتاب المدرسي للمستويات الثلاث بالسلك الإعدادي (طبعات شتنبر 2017)؛
6.
تكييف المنهاج الدراسي مع خصوصيات الأطفال في وضعية إعاقة بالسلك الابتدائي، من خلال إعداد الهندسة المنهاجية البيداغوجية بالنسبة لست إعاقات (التوحد، الإعاقة الذهنية، الشلل الدماغي، الإعاقة السمعية، الإعاقة البصرية واضطرابات التعلم)؛
7.
توسيع العرض بالنسبة لمسلك الباكلوريا المهنية في الثانويات التأهيلية ليصل مجموع التلاميذ بها إلى حوالي 30 ألف؛ وإحداث مسلكين جديدين «الاستقبال الفندقي» و «التدبير الإداري»، ينضافان إلى المسالك 19 المحدثة في الثلاث سنوات الماضية؛
8.
إحداث مسلك دولي بالسلك الإعدادي، لاستقطاب 5% من تلاميذ السنة أولى بالثانويات الإعدادية العمومية، مع إدماج المسلك الدولي في 250 ثانوية إعدادية؛
9.
العمل على توسيع العرض بالمسالك الدولية في الثانويات التأهيلية المغربية لتشمل %57 من الثانويات التأهيلية (حوالي %25 من العدد الإجمالي لتلاميذ الثانوي التأهيلي).
حضرات السيدات والسادة؛
بخصوص مجال تحسين حكامة المنظومة وتحقيق التعبئة المجتمعية حول الإصلاح، فقد كرست الوزارة مجهوداتها لتوفير مجموعة من المستلزمات الأساسية للإصلاح، متمثلة في تطوير القدرات المؤسسية والتدبيرية للمنظومة، وتكريس ثقافة الواجب وروح المسؤولية، وتطوير مقاربات وآليات العمل. ومن بين ما تم القيام به في هذا الصدد:
1.
تقوية الهياكل التنظيمية جديدة للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية؛
2.
تعزيز أدوار واختصاصات الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية، وخاصة في مجال تدبير الموارد البشرية؛ 
3.
مواصلة تقوية آليات الحكامة المالية للأكاديميات؛
4.
التحضير المبكر والاستباقي للدخول المدرسي. وقد شرعت الوزارة خلال الفترة ما بين شهري شتنبر ودجنبر من السنة الحالية، في تحضير الدخول المدرسي المقبل، وأنجزت مجموعة من العمليات التي عادت ما كانت تجرى في أواسط الموسم الدراسي (ما بين مارس ويونيو) وخاصة ما يرتبط منها بتدبير الموارد البشرية، وبتحضير الخرائط التربوية؛
5.
تتبع غياب التلاميذ وأطر التدريس بشكل يومي عبر منظومة مسار، باعتبار ذلك مدخلا أساسيا للحفاظ على الزمن المدرسي، وترسيخ ثقافة الواجب والانضباط؛
6.
ترشيد استعمال الموارد البشرية المتوفرة، من خلال الحرص على منح حصة كاملة لكل أستاذ؛
7.
العمل على الارتقاء بوظيفة تتبع ومصاحبة المؤسسات التعليمية من طرف هيأة التفتيش، من خلال تنظيم وظيفي يرتكز على تكليف مفتشين اثنين لكل 10 مؤسسات تعليمية؛
8.
ترسيخ العمل بمشروع المؤسسة وتقوية الكفايات التدبيرية وصلاحيات أطر الإدارة التربوية؛
9.
العمل على تعبئة شركاء المنظومة، خدمة لأهداف الإصلاح. وقد شكلت مناسبة تحضير الدخول المدرسي الحالي، وخاصة ورش تأهيل المؤسسات التعليمية، محطة بارزة في مسار التعبئة، حيث أبان الجميع، من أسرة تربوية وقطاعات حكومية وسلطات محلية ومنتخبين وفاعلين اقتصاديين وجمعيات المجتمع المدني وغيرهم من الشركاء، على مستوى عال من التعبئة والانخراط، لا يسعنا إلا أن نشيد به، وأن نحرص على استدامته وتقويته.
حضرات السيدات والسادة؛
ما من شك في أن إصلاحا جوهريا بحجم إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، لا بد أن تعترضه بعض الإكراهات والتحديات، التي يتعين العمل على تجاوزها بالموازاة مع التقدم في عملية التنزيل. ومن أبرز التحديات المطروحة:
1.
مدى القدرة على توفير إطار تمويلي ملائم، يضمن تمويلا قارا ومنتظما للمنظومة، يرقى إلى مستوى طموحات وأهداف الإصلاح، ويسمح بتوفير مستلزماته البشرية والمادية واللوجستيكية؛
2.
مدى القدرة على تحقيق التعبئة المجتمعية حول أوراش الإصلاح. التعبئة المستدامة والناجعة، التي تجسد، بشكل فعلي وملموس، درجة الأولوية القصوى التي ينبغي أن يحظى بها إصلاح المدرسة المغربية، لجعلها فضاء لتكوين وتأهيل الرأسمال البشري الكفء، ورافعة أساسية لتحقيق أهداف التنمية البشرية والمستدامة؛
3.
مدى القدرة على إحداث تغيير قيمي وثقافي لدى مجموعة من الفاعلين والشركاء، يكرس لديهم، الاستشعار الذاتي للمسؤولية الفردية، والانخراط الطوعي في الإصلاح، بما يمكن من توسيع قاعدة المشاركة لإحداث التغيير؛ 
4.
مدى القدرة على تمكين المنظومة من التفرغ لمهامها البيداغوجية الأساسية، من خلال اضطلاع شركاء المنظومة الأساسيين، وخاصة على المستوى الترابي، بالمهام والوظائف الأخرى التي تخرج عن نطاق العمل التربوي.
وعلاقة بهذه التحديات، ستواصل الوزارة مجهوداتها من أجل قيادة ومواكبة التغيير، وتقوية التعبئة المجتمعية حول الإصلاح، باعتبارهما شرطان أساسيان من شروط النجاح.
وإن من شأن القانون-الإطار، والتفعيل الأمثل للجهوية المتقدمة، توفير أجوبة حقيقية حول بعض هذه التحديات الأساسية المطروحة.
كما أن مواكبة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، لورش تجديد المدرسة المغربية، يوفر لنا سندا ودعما قويين للمضي قدما في تنزيل رافعات الإصلاح.
حضرات السيدات والسادة؛
كانت تلكم كانت، الخطوط العريضة لما تم القيام به، ولما هو بصدد الإنجاز، ولبعض التحديات المطروحة. وأريد، في ختام هذه المداخلة، أن أجدد شكري لفريق العدالة والتنمية على تنظيم هذا اللقاء، وأن أشكركم جميعا على حسن المتابعة، مع متمنياتي لأشغال هذه الندوة بالنجاح، خدمة لإصلاح المدرسة المغربية، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


Post a Comment

إضافة تعليق على الموضوع مع عدم تضمنه لعبارات مسيئة
شكرا على مشاركتكم

أحدث أقدم