المشروع : محدداته وآليات تنفيذه


عبد الحفيظ الزياني - عندما يتم تناول مسألة المشروع بمعزل عن المحددات وآليات الاشتغال، الأرضية والظروف والخصوصيات، يتبادر إلى الذهن، للوهلة الأولى، مبادرة تنطلق من دراسة وتشخيص للوضع، ثم تبني خطة ترتكز على نقاط الضعف و نقاط القوة، ليتم استثمارها لتحقيق مكسب مادي أو أدبي بناء على أهداف يتم صياغتها بدقة.
لكن حين يتم الإمعان بدقة في المصطلح، باعتباره كلمة مفتاح لسلسلة من الإجراءات، فلابد من الوقوف مطولا عند سبب اعتماده، ومن تمة عند أهميته باعتباره مقاربة يتم اللجوء إليها باعتبارها ضرورة من ضرورات العصر، وحتمية من الحتميات.
إن أي عمل، سياسي أو مدني، يقتضي استراتيجية وأهداف، إذ لابد أن ينطلق من مقاربة تنسجم مع اعتبارات الواقع، خصوصياته واحتياجاته، تركز على الأولويات الأساسية لأجل بناء النتائج، ليتم مقارنتها مع درجة تحقق الأهداف، فيتم اعتماد خطة بديلة لتجاوز الثغرات وتقويم الاعوجاج، وهوما يطلق عليه بالدعم أو العلاج.
إن كل المبادرات كيفما كانت، فهي تنطلق من العدم إلى الوجود، تبدأ بفكرة التأسيس للفعل لتصل إلى خلق كيان فعلي، فيطلق على البداية الأولى مفردة مشروع: مشروع تأسيس، أو مشروع خلق، أو مشروع بناء...
وحين تخرج الفكرة للوجود وتتجسد على أرض الواقع، تطلق العنان للتداول، فتكاد تكون ملزمة للجميع، حينها تنتهي فكرة المشروع أو مشروع الفكرة، وهو ما يسير من وجود القوة إلى وجود الفعل، أي أن قوة الفكرة هي التي ساهمت في وجودها فعلا.
لا ينتهي الأمر عند حدود التأسيس لعمل ما، بل يستمر وقد يتخذ أشكالا أخرى، فيرتقي من مجرد مشروع فكرة إلى مشروع عمل دائم ومستمر، فإذا كان كل عمل يلزمه مشروع قبلي يحضر له، فإنه من اللازم اعتماد مبادرة نوعية ترتكز على المشروع كاستراتيجية وكمقاربة باتت إجبارية لتحقيق النجاعة، فما هو المشروع؟ وما هي محدداته، وآليات تنفيذه ؟
ينطلق المشروع من خطة عمل تنبني على دراسة علمية لاحتياجات الواقع كيفما كانت طبيعته: تربوية، اجتماعية، سياسية، اقتصادية، ليتم تصنيفها إلى شقين: مواطن الضعف ومواطن القوة، فيتم التركيز والاستناد على مواطن القوة وإعادة استثمارها لتحقيق الأهداف، ثم محاولة التغلب على مواطن الضعف، بدراسة أسبابها ودواعيها، فيتم تحديد المشروع على ضوئها ليتم التغلب على مكامن الضعف تدريجيا ثم نهائيا.
وتكمن محدداته في اعتماد كل عناصر القوة المتوفرة لأجل القضاء على مواقع الضعف، وهو ما يحدث في حياتنا الاجتماعية أو الأسرية، فغالبا ما يتم الاعتماد على المتوفر لتلبية الاحتياجات، أو البحث عن البدائل المكملة لتتفاعل مع عناصر القوة المتوفرة: مادية كانت أو بشرية .
لعل ما يحقق النجاح للمشروع، هو حسن اختيار آليات التنفيذ والإنجاز، ضرورة اتصافها بالجودة والتنوع، وهنا تتضح أهمية استثمار الموارد المادية و البشرية، الأدوات والوسائل المتوفرة، ثم توزيع الأدوار وتفعيلها، وتشكيل قاعدة معطيات لأجل استخدامها في عملية التخطيط لمرحلة الانجاز وبناء المواقف، ثم اتخاد القرار النهائي .

عبد الحفيظ الزياني - تجمع الأساتذة تربية ماروك

Post a Comment

إضافة تعليق على الموضوع مع عدم تضمنه لعبارات مسيئة
شكرا على مشاركتكم

أحدث أقدم