انتخابات اللجان المتساوية الأعضاء ودور الشغيلة التعليمية



مصطفى هطي - تعتبر القضايا المتعلقة  بتدبيرالحياة الإدارية للموظفين من صميم اختصاصات اللجان الثنائية المتساوية الاعضاء،وهي القضايا التي  تنحصر فيترسيم الموظفين المتدربين، والترقية بالاختيار، وحركية الموظفين ، والإحالة على المعاش بسبب عدم الكفاءة المهنية، والاستيداع الاداري، والتوقيف المؤقت ، ودراسة طلب الاستقالة القانونية والاعفاء ، وقضايا المجلس التأديبي. الى جانب اختصاصات مستقبلية وفق الهيكلة الجديدة التي تجري في بنية الدولة المغربية بعد دستور 2011. وهذه القضايا هي الاكثر حساسية في مسيرة رجال التعليم ونسائه والاكثر اهتماما عندهم.
ويتم إحداث اللجان الإدارية المتساوية الأعضـاء طبقا لمقتضيات المرسوم رقم 2.59.0200 المطبق بموجبه الفصـل 11 من الظهير الشريـف رقم 2.58.008 (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية كما تم تغييره وتتميمه. وتتكون اللجان الثنائية المتساوية الاعضاء من ممثلين عن الادارة يتم تعيينهم مباشرة ، وممثلين عن الشغيلة التعليمية يتم انتخابهم.
فإذا كانت الإدارة التابعة لجهاز الدولة الاداري هي المسؤولة عن تعيين ممثليها داخل اللجان المتساوية الاعضاء ، فإن المسؤول غير المباشر عن تمثيلية رجال التعليم ونسائه هي النقابات باعتبارها اطرا منظمة قادرة على التنظيم والترشيح. لكن ـ وهذا هو الاهم والاخطر ـ المسؤول المباشر هم نساء التعليم ورجاله باعتبارهم الكتلة الناخبة التي بأصواتها تضع ممثليها داخل اللجان الثنائية، أو بعزوفها تترك الفرصة لمن يمثل نفسه التحدث باسمها والفصل في حياتها الادارية.
وانتخابات اللجان الثنائية المتساوية الاعضاء تجري كل ست سنوت وتندرج ضمن الانتخابات المهنية المتعلقة بممثلي المأجورين الذي يندرجون ضمن ما يعرف بفئة الناخبين الكبار الذين يفرزون اعضاء مجلس المستشارين باعتباره جزءا من السلطة التشريعية الى جانب مجلس النواب الذي يباشر مهام التشريع لحياة الموظفين مثل النظام الاساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية الذي طال انتظاره بسبب اعتراض بعض النقابات على ذلك.  وبما في ذلك التشريعات لكل ما له صلة بقطاع التربية الوطنية والتي غالبا ما يشكو رجال التعليم ونسائه من إجحاف القوانين في حقهم وقصورها عن مواكبة التحديات الجديدة التي يفرضها واقع التكنولوجيات الحديثة في زمن التحولات القيمية داخل المجتمع والاسرة.
وتعتبر تمثيلة الشغيلة التعليمية على مستوى المناديب هي الاضعف والاقل بالمقارنة مع باقي القطاعات الاقتصادية الاخرى. وإذا كان احد اهم اسباب ذلك التمثيل الضعيف هو نظرة الدولة الى قطاع التربية والتعليم باعتباره قطاعا اجتماعيا وليس انتاجيا، فإن من اخطر اسباب ضعف تمثيلية الشغيلة التعليمية هو عزوف رجال التعليم ونسائه عن العمل السياسي وتحديدا عن العمل النقابي وعموما تخليهم عن دورهم النضالي الى جانب دورهم التعليمي.
ولإدراك مدى ضعف هذه التمثيلية في اللجان الثنائية المتساوية الاعضاء بالنسبة للشغيلة التعليمية نسوق هذه الارقام، حيث ان ما بين 10 الى 20 موظفا يمثلهم نائب واحد، ومن 21 الى 100 يمثلهم نائبان اثنان (2). ومن 101 الى 1000 يمثلهم 3 نواب . وما زاد على 1000  يمثلهم 4 نواب فقط. في حين ان مقهى او محل تجاري من  5 عمال فقط يمثلهم نائب واحد في القطاع الخاص. وهذا ما يجعل بعض النقابات تحصد العتبة التمثيلية وطنيا منذ الوهلة الاولى اعتمادا على الفنادق والمقاهي وغيرها من القطاعات الخاصة. لكنها بتلك التمثيلية تحصل على الأغلبية في مجلس المستشارين وتشرع لقضايا التعليم.
ومرة اخرى إن عزوف الشغيلة التعليمية عن العمل النقابي الجاد والمسؤول ذي المصداقية ترك الفرصة سانحة للمسترزقين بهذا العمل لكي يتربعوا على عروش النقابات لعقود وسنين طويلة تستغرق حياة جيل بأكمله، ويقفون ضد كل ما من شأنه ان يفقدهم تلك المكانة  والامتيازات ، او يفقدهم السيطرة على الصناديق الاجتماعية. ومن الامثلة الصارخة على ذلك ان ضغط نقابي معين ـ من النقابات التي وقعت على اتفاق آخر الليل الذي اخرج النظام الاساسي 2003 بكل ثغراته السلبية على الشغيلة التعليميةـ هذا الضغط النقابي لنقابة معينةأحد الاسباب الي دفعتالوزارة فيما يبدو الى التراجع عن توسيع لوائح التمثيلية في قطاع التعليم حيث كان مقترحا ان تشكل اللوائح بناء على السلاليم 9 و10و11 في الابتدائي والاعدادي الى جانب خارج السلم في الثانوي التأهيلي مما يوسع قاعدة التمثيلية قبل ان تصدر الوزارة قرار يعيد الامور الى ماضيها؟؟
وهو الضغط النقابي ايضا الذي يقف حائلا دون خروج النظام الاساسي لموظفي التعليم وقانون النقابات وقانون الاضراب خوفا من بعض الاطراف النقابية على ربط المسؤولية بالمحاسبة وفق ما ينص عليه دستور 2011، والقيام بالافتحاصات المالية وغيرها من اجراءات الشفافية والنزاهة.
وهذا العزوف ايضا في اختيار ممثلي الشغيلة التعليمية في اللجان الادارية المتساوية الاعضاء هو السبب الذي يؤدي الى معاناة رجال التعليم ونسائه في تلك القضايا المشار اليها اعلاه ذات الصلة بحياة الموظفين الادارية ، بل ان ذلك سبب لممارسات غير مشروعة مثل الابتزاز والارتشاء  في المجالس التأديبية وحركية الموظفين والاحالة على المعاش بسبب عدم الكفاءة المهنية والاستيداع وغيرها.
واستنادا الى ذلك يمكن القول ان الشغيلة التعليمية بين خيارين :
أحدهما: خيار المشاركة المكثفة والواعية في اختيار من يمثلهم ويدافع عن مصالحهم وحقوقهم المشروعة في اطار اللجان المتساوية الاعضاء، ومن يتحمل مسؤوليته في تمثيلية النقابات في مجلس المستشارين.
وثانيهما: خيار العزوف وعدم الاهتمام بانتخابات اللجان المتساوية الاعضاء وهو ما يفسح المجال لأصحاب المصلحة الخاصة لاحتلال موقع تمثيلية رجال التعليم ونسائه والاتجار في قضاياهم وحقوقهم.
والثابت بين الخيارين أن التمثيلية موجودة بقوة القانون، وأن ممثلو الشغيلة التعليمية لهم دور قانوني مهم جدا في حياة كل رجال التعليم ونسائه.فإذا شاركوا اختاروا ممثليهم، وإذا عزفوا تركوا قضاياهم للعبث.

وبالتالي فالخيار في البداية والنهاية هو خيار الشغيلة التعليمية، والمسؤولية هي مسؤوليتها بما فيها قوة الحضور وفق معادلة الواجبات بالأمانة والحقوق بالعدالة، وبدون هذا الخيار النضالي والمشاركة المكثفة فستبقى الشغيلة التعليمية تحكم على نفسها بالتهميش الى جانب استهدافها اعلاميا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا رغم أن موظفي وزراة التربية الوطنية يحتلون الرتبة الاولى بنسبة 33 %بمامجموعه 293 ألفو663 موظفا اي اكثر من ثلث كل موظفي الدولة في كل القطاعاتحسبتقريروزارةالاقتصادوالمالية لسنة 2012.

مصطفى هطي
تجمع الأساتذة - تربية ماروك
تم نشر المقال بدون تصرف

Post a Comment

إضافة تعليق على الموضوع مع عدم تضمنه لعبارات مسيئة
شكرا على مشاركتكم

أحدث أقدم