الأساتذة المتعاقدون بين مطرقة الوزارة وسندان الأساتذة الرسميين - مقال


عبد الحكيم متوكل

عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العضو بالكونفدرالية العامة للشغل CGT

أعلنت وزارة التربية الوطنية بدءا من الموسم الدراسي الماضي (2015-2016) عن مباريات لتوظيف أساتذة بمختلف أسلاك التعليم المدرسي بصيغة جديدة خلقت جدلا واسعا في الأوساط التعليمية ، تنفيذا للمذكرة الوزارية رقم 16-866 بتاريخ 7 نونبر 2016 في شأن التوظيف بموجب عقد يتم إبرامه مع الأكاديميات الجهوية  للتربية والتكوين، حيث تراجعت الوزارة الوصية على القطاع عن توظيف احتياجاتها من الموارد البشرية بصيغة موظفين مرسمين في أسلاك الوظيفة العمومية لتتبنى عوضا عن ذلك توظيفا في اطار عقود عمل مؤقتة لا تخول لصاحبها الحق في الترسيم أوالمطالبة بالإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية .لتعلن خلال الموسم الحالي عن توظيف دفعة أخرى  يناهز عددها 23 ألفا بنفس الصيغة ليتجاوز بذلك العدد الإجمالي لموظفي وزارة التربية الوطنية بموجب عقود 34 ألف من نساء ورجال التعليم خلال بداية الموسم الدراسي المقبل.
النقابات التعليمية أعلنت عن رفضها للإجراء باعتباره ضربا للاستقرار المهني والنفسي للمدرسين والذي سينعكس بشكل مباشر على المتعلمين من أبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة ، والذين أصبحوا يرتادون المدرسة العمومية مكرهين، مقابل ذلك اختار البعض منهم الارتماء في أحضان لوبيات التعليم الخاص و التي جعلت العديد من الأسر المغربية تقلص من مصاريف احتياجاتها الأساسية مقابل تمويل تعليم أبنائها بمؤسسات خاصة.
لقد اعتبر الميثاق الوطني الوطني للتربية والتكوين في المادة 133 من الدعامة العاشرة أن تجديد المدرسة رهين بجودة عمل المدرسين وإخلاصهم والتزامهم. ويقصد بالجودة، التكوين الأساسي الرفيع والتكوين المستمر الفعال والمستديم، والوسائل البيداغوجية الملائمة، والتقويم الدقيق للأداء البيداغوجي.
كما نص في المادة 134 منه وفي نفس السياق على تمكين المدرسين من تكوين متين، قبل استلامهم لمهامهم، وذلك وفق أهداف ومدد زمنية ونظام للتكوين والتدريب يتم تحديدها بانتظام على ضوء التطورات التربوية والتقويم البيداغوجي؛ من جهة أخرى أكدت الرؤية الإستراتيجية 2015-2030 التي صاغها المجلس الأعلى للتربية والتكوين وتبناها المغرب خارطة طريق لإصلاح المدرسة المغربية في الرافعة التاسعة والمتعلقة بتجديد مهن التدريس والتكوين والتدبير باعتبارها ذات أسبقية أولى للرفع من الجودة، على جعل التكوين الأساس إلزاميا وممهننا بحسب خصوصيات كل مهنة من مهن التدريس والتكوين والتدبير.
بيد أن التدابير التي تتخذها الوزارة في شأن تكوين أطر هيئة التدريس من أساتذة متعاقدين لا تتقاطع بالبت والمطلق مع المرجعيات الأساسية للمنظومة التربوية من ميثاق وطني للتربية والتكوين ورؤية استراتيجية، فقد أصدرت العديد من الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين اعلانات اخبارية تخص اجتياز الناجحين في مباراة التوظيف بموجب عقود لدورة تكوينية بدءا من 24 يوليوز الجاري لمدة لا تتجاوز تسعة أيام. ليظل سؤال الجودة مطروحا بشدة خصوصا مع انطلاق الموسم دراسي بأطر لن يتعدى تكوينها الأساس بضعة أيام معدودة على رؤوس الأصابع.
إن الأستاذات والأساتذة الموظفين بموجب عقود بحاجة إلى دعم كل الفاعلين التربويين، لدفع الوزارة الوصية على القطاع الى احترام رؤيتها الاستراتيجية في اصلاح التعليم والتي تؤكد على الزامية التكوين الأساس قبل تسليم المهام وتكثيف التكوين المستمر ناهيك عن التأطير والمواكبة والمصاحبة. كما أن الأساتذة المتعاقدين محتاجون الى استقرار نفسي واجتماعي ومهني، وإلى احتضان نقابي للدفاع عن حقوقهم والمطالبة بإدماجهم بأسلاك الوظيفة العمومية ليس دفاعا عنهم فحسب بل كذلك دفاعا عن حق المتعلمين في الاستفادة من تعليم ذي جودة.
إن أكبر جريمة ترتكب في حق هذه الفئة هي انتقادها ورفضها، في حين كان الأولى والأجدى رفض نهج الوزارة في التوظيف بالتعاقد، أما المتعاقد فهو مجاز يتوفر على كفايات تؤهله للعمل بمهن التدريس غير أنه بحاجة للتأطير والتكوين والمواكبة ليكون إطارا فاعلا إلى جانب باقي الأطر العاملة بالقطاع، لا أن يترك وحيدا في مواجهة بنود عقد مجحف يعطي للأكاديميات الجهوية حق فسخه دون سابق إنذار وفي أي وقت.

عبد الحكيم متوكل

عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العضو بالكونفدرالية العامة للشغل CGT

Post a Comment

إضافة تعليق على الموضوع مع عدم تضمنه لعبارات مسيئة
شكرا على مشاركتكم

أحدث أقدم