الأكرمين - عدد كبير من الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة خارج منظومة الرعاية التربوية



يهدف الإطار المرجعي للهندسة المنهاجية لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة، إلى إرساء مقاربة تربوية فعالة وناجعة لتدبير سيرورات التعلم والاكتساب المتلائمة مع حاجيات هذه الفئة من الأطفال، بما يمكن من إدماجهم بشكل فعال ومنتج في محيطهم الأسري والاجتماعي والمهني، عبر منطلقات حقوقية وتشريعية وإدارية وتنظيمية وتربوية غير أن تنفيذ ذلك المبتغى  على أرض الواقع يفرز صعوبات  و لتقريب قراء المساء من الأشخاص  في وضعية إعاقة  أعددنا هذا الحوار مع الفاعل الجمعوي و التربوي و الصحفي محسن الأكرمين حاوره : الصحفي  السيد بنعيادة الحسن.

قبل الخوض في مجموعة من الأسئلة، لا بد من تقريب مفهوم الشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة؟.
نعم، وحتى لا نسقط في فواصل التعريفات المتعددة، يمكننا تحديد تعريف يصيب عدة خانات، ونقول بأن الشخص ذو الاحتياجات الخاصة، هو ذلك الفرد الذي يعاني من قصور بنسب متفاوتة في القدرة على القيام بدوره ومهامه بالنسبة لنظرائه من نفس السن والبيئة ، بحيث يظهر نكوص في تلك الأدوار التفاعلية فيما يهم التعليم وغيره. من هذا المنطلق تم العمل على تطبيق مقتضيات ونصوص اتفاقيات حقوق الطفل الدولية وإدماج هذه الفئة بضمان كرامة التربية والعيش. وفيما كانت الثورة بينة على وضعية النسيان والحكرة التي كانت تلك الفئات الاجتماعية من ذوي الاحتياجات الخاصة تعانيه حين تم التنصيص على أسس الرعاية والعناية بهذه الفئات ضمن مقتضات دستور2011.
كيف يمكن لنا أن نحدد مكانة إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن المنظومة التربوية العمومية؟
لا أخفيكم سرا فمجموع الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة خارج منظومة الرعاية التربوية يفوق بكثير مما يتم احتضانه داخل المؤسسات التعليمية العمومية عبر تجربة الأقسام المدمجة. إنها إشكالات غياب رؤية تفعيل المرجعيات القانونية الإطار التي تروم إلى مأسسة تعميم الاندماج لهذه الفئات، إنها رؤية الولوجيات المتعثرة والمرتفقة أصلا بأزمة المدرسة العمومية والتي لا تؤشر بتنزيل مفاهيم الريادة الناجعة و تدبير التغيير، والقضاء على التمثلات السلبية والصور النمطية عن الإعاقة. الآن، هي البداية التفاعلية مع شأن ذوي الاحتياجات الخاصة حين تم الإقرارعلى نظام مفتوح لجميع هذه الفئات في إطار مقاربة مندمجة تروم معالجة مجموعة من الإشكالات الملحة.
حين نتحدث عن ذوي الاحتياجات الخاصة فإننا نستحضر التربية الدامجة للأشخاص في وضعية إعاقة ضمن شبكات مدارس التعليم العمومي، فماذا نقصد بذلك؟.
لم يكن الوعي بضرورة الانكباب على مفهوم التربية الدامجة لذوي الاحتياجات وليد وعي فجائي عفوي، بل كان لغاية أساس فضلى ذات مرجعيات اجتماعية و دينية كانت تمارس التربية الدامجة ولو بشكل احتواء لهذه الفئات. لكن التحولات الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية أخرجت هذه الفئة من مفهوم عمل الإحسان والزوايا و الأضرحة إلى أخلاق العناية التي تطوق عنق الدولة والمجتمع. فالتربية الدامجة هي إتاحة الفرصة الكاملة لأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة للإندماج بشكل كلي أو جزئي ضمن خدمات ومسارات تربوية وتكوينية ملائمة ، أخذا بعين الاعتبار نوعية الإعاقة ودرجتها، والاندماج التدريجي في منظومة التربية والتكوين.
هل لك أن تتحدث لنا عن بعض إكراهات إدماج فئات ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن المنظومة التربوية العمومية؟
حين نتحدث عن حق أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في تلقي تعليمهم في المدارس العادية، فإننا نتحدث عن فرص للتعليم المتكافئ، فإننا نبحث عن إدماج مريح بيُن لكل فئات المجتمع. لكن العيب لازال يسكن الإدارة الوصية عن قطاع التربية والتكوين، حين تغلق بوابة منظومة "مسار" في حق تسجيل تلاميذ أقسام ذوي الاحتياجات الخاصة بالمؤسسات العمومية فيه، العيب الكبير في تمييز الاستفادة من الدعم المالي المشروط لبرنامج "تيسير" حيث لا يستفيد منه إلا الأطفال الأسوياء فقط. أين هو مجال الإنصاف و تكافؤ الفرص الذي تتحدث عنه الوزارة الوصية في حافظة المشاريع المندمجة لتفعيل الرؤية الإستراتيجية 2015/2030؟، أين هي مسالك تنزيل حافظة المشاريع المندمجة خاصة المشروع الثالث "تمكين الأطفال في وضعية إعاقة أو وضعيات خاصة من التمدرس" ؟ . لحد الساعة، ممكن أن نقول بأننا نسوق باقة وهم وأمل من حيث أن نسب الإدماج لهذه الفئات لم يستطع تحقيق الاستقطاب الكلي.
 نعم، حين نتصفح السلة النظرية التي تتضمن معايير الرعاية الحافظة لفئات ذوي الاحتياجات الخاصة، فإننا نصفق من حسن التفكير والتنظير. لكن، حين تغيب المستلزمات الكفيلة بإنصاف الأطفال في وضعية إعاقة، حين يتم تغييب تكافؤ فرصهم في النجاح الدراسي إلى جانب أقرانهم، حين تكون مؤشرات المخطط الوطني لتفعيل التربية الدامجة غير متوازنة بين التشخيص والأفعال الإجرائية، حين تتحكم الاكراهات المالية في تفعيل مخطط التربية الدامجة، فإننا نزيد من كمية صب الماء في رمال أزمات المدرسة العمومية المتشابكة. أقول بصدق، بين تسويق الآمال نصنع معكوفات حديدية إلى حين وقفة شمولية تنهض بإصلاح المدرسة العمومية بشكل شمولي.
فما هي بعض أدوار المجتمع المدني تجاه هذه الفئة الاجتماعية؟.
أود أن أفتح قوسا سليما عن الديمقراطية التشاركية التي ولجت إلى بوابات المؤسسات التعليمية العمومية لأجل تحصين مكتسبات الدمج المدرسي، أود الإشارة أن دستور المملكة قد أعطى فيضا قانونيا للمجتمع المدني في مجال التفاعل المندمج مع القضايا الاجتماعية. لنعد إلى السؤال ونكشف أن هناك حركة نمو لبعض جمعيات المجتمع المدني في اقتحام بوابة الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، أن هناك ثورة تستهدف تحصين هذه الفئات من وضعيات شتات الشارع. لكن لزاما، لا بد من تضافر الجهود. والبداية من المجالس الجماعية لدعم كل المبادرات التي تستهدف هذه الفئات. وحتى لا تكون مقاربة رعاية هذه الفئات أحادية فلا بد لجمعيات المجتمع المدني من تعزيز الشراكة مع القطاعات الحكومية المكلفة بالصحة وبالتضامن والتنمية الاجتماعية من أجل إرساء تكوينات وتطوير البحث التربوي في مجال التربية الخاصة الدامجة.
وزارة التربية الوطنية  تطمح إلى تحقيق المساواة في ولوج التربية والتكوين لذوي الاحتياجات الخاصة، كيف تتحدد هذه الرؤية؟.
نعم، لا ننكر أن تحقيق المساواة في ولوج التربية والتكوين هو من بين الرافعات الأساس التي نصت عليهما الرؤية الإستراتيجية (2015/2030). حيث تم تأمين الولوج إلى المدرسة العمومية كذلك للأطفال في وضعية إعاقة أو في وضعيات خاصة و تحقيق شروط تكافؤ الفرص حتى في أفق تحصيل مكتسب النجاح .  وقد خصت الوزارة الوصية في حافظة المشاريع المندمجة تفريد فئات ذوي الاحتياجات الخاصة بمشروع يهم " تأمين الحق في ولوج التربية والتكوين لأشخاص في وضعية إعاقة أو في وضعيات خاصة"، وهو المشروع الثالث الذي لا زال الاشتغال فيه يفتقد جرأة اقتحام مسالك الدمج، وتحصيل الإمكانات اللازمة ، وإعداد مسارات تربوية وتكوينية ملائمة لهذه الفئات.
لكننا لن نبخس الانجازات حين فعلت الدولة مراكز حديثة لاستقبال تلك الفئات العمرية من ذوي الاحتياجات الخاصة، لن نبخس الشأن التربوي حين فتح بوابات المؤسسات التعليمية لعقد شراكات مع المجتمع المدني.
كل هذا الطموح يستوجب مجموعة من تدابير التنزيل، فهل لنا أن نعرف بعضا منها، ومدى تردد بعض المعيقات و الاكراهات؟.
حين نتحدث عن تدابير التنزيل فإننا لزاما نفتح المجالات الثلاث للرؤية الإستراتيجية (2015/2030). هنا لا بد من تشغيل لوحة قيادة المشروع الثالث من المجال الأول على صعيد كل مديرية إقليمية ، لا بد من الوقوف على تفعيله وفق تمفصلاته الزمنية إلى حدود 2030، وكذلك من حيث مساءلة نتائج التردد وقياس الأثر مرحليا.
هو الطموح في الإنصاف وتكافؤ الفرص بمتم الإدماج الكلي لكل فئات ذوي الاحتياجات الخاصة. هو الطموح الذي تعترضه عوارض متعددة جاثمة بقوة على تطوير مسالك إدماج فئات ذوي الاحتياجات الخاصة . لذا ، فإننا نشد بالنواجذ على ضرورة تكييف المنهاج الدراسي مع صيرورة التعلم لهذه الفئات، فإننا نصيح بأعلى الأصوات لأجل تكوين مدرسين متمكنين من التربية الدامجة، فإننا نوصي تقوية مكانة هذه الأخيرة ضمن برامج التكوين الأساس و المستمر للأطر التربوية والإدارية، فإننا نطالب بالرفع التدريجي من عدد أقسام الدمج المدرسي ، فإننا نحث على خلق أطر مرجعية لتكييف امتحانات هذه الفئات الاجتماعية وفق ظروف خاصة وموضوعية بكل فئة، فإننا نقول بمناظرة وطنية تكشف موازين الخلل والقوة وتوثق لشراكات ملزمة لكل القطاعات الحكومية المعنية بهذه الفئات. هي مجموعة من التوصيفات العادلة والتي ممكن أن تتحرك عبر شراكات أكاديمية وطنية أو دولية.
في الأخير أجدد شكر الملحق التربوي لجريدة المساء المتفاعل بالإيجاب مع كل القضايا التربوية المغربية.

المساء التربوي/(الصفحة 21).

Post a Comment

إضافة تعليق على الموضوع مع عدم تضمنه لعبارات مسيئة
شكرا على مشاركتكم

أحدث أقدم