قضايا التعليم المبكر للقراءة والكتابة بالتعليم الأولي موضوع ندوة وطنية بالمركز الجهوي لمهن التربية بفاس مكناس




نظم فريق البحث في التعليم الأولي والتربية ما قبل المدرسية التابع لمختبر البحث العلمي والتربوي بالعالم المتوسطي بشراكة مع المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي يوم الأربعاء 20 نونبر بملحقة المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمكناس، ندوة علمية في موضوع "قضايا التعليم المبكر للقراءة والكتابة بالتعليم الأولي بالمغرب". وهي ندوة جاءت في إطار مواكبة المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين للورش الوطني الذي افتتحته وزارة التربية الوطنية في الموسم الماضي، الرامي إلى بتعميم التعليم الأولي في أفق سنة 2028.

في الجلسة الافتتاحية، ألقى مدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين السيد محمد حيلمة كلمة رحب فيها بالمشاركين، وذكر بسياق الندوة المتمثل في مواكبة المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، بوصفها مؤسسات للتكوين والبحث العلمي، للورش الوطني الذي انخرطت فيه الوزارة بتوجيهات ملكية سامية، المتعلق بتعميم التعليم الأولي والرفع من جودته. وشدد على أن إنجاح هذا الورش يستلزم انخراط جميع الفاعلين في الميدان، وحشد إمكانياتهم وتضافر جهودهم، مشيرا إلى أن هذه الندوة هي ثمرة تنسيق بين المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بجهة فاس مكناس والمؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي.



ثم تناول الكلمة السيد أحمد فلاح، مدير الأبحاث والدراسات بالمؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي، فأشار إلى أن هذه الندوة تندرج في سلسلة من الندوات التي عقدت بشراكة بين فريق البحث في التعليم الأولي والتربية ما قبل المدرسية والمؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي، وهي ندوات تروم تطوير البحث العلمي والتربوي في مجال الطفولة المبكرة، وتتوخى تشكيل شبكة وطنية من الباحثين والخبراء في هذا المجال.
وفي تدخله أكد مدير مختبر البحث العلمي والتربوي في العالم المتوسطي، السيد عبد الكامل أوزال، على أن موضوع التعليم الأولي يحظى في الوقت الراهن بأهمية بالغة. لذلك تأتي هذه الندوة الوطنية اليوم لرد الاعتبار لهذا المجال الحيوي. وهي تتوخى من جملة ما تتوخاه تأصيل عمل علمي وسند معرفي يعضد الممارسة التربوية في مجال التعليم الأولي حتى لا تكون ممارسة عمياء. وتمنى مدير المختبر أن تنتهي هذه الندوة إلى مقترحات وتوصيات من شأنها ترشيد الممارسة التربوية بمؤسسات التعليم الأولي وتجويد أدائها العام.
إثر ذلك انطلقت الجلسة الأولى التي أدارها الأستاذ أحمد فلاح، وضمت أربع مداخلات، ألقت أولاها الدكتورة سميرة الشمعاوي (باحثة بمركز التوجيه والتخطيط التربوي، الرباط)، وهي بعنوان "أثر تكوين المربين على تعليم القراءة والكتابة للأطفال في التعليم الأولي" ركزت فيها على أن تعدد المتدخلين في مجال التعليم الأولي وضعف تكوين المربيات والمربين وغياب رؤية موحدة تنعكس سلبا على أداء هذا القطاع. كما أشارت المتدخلة إلى أن معظم التكوينات الموجهة للمارسين تتخذ طابعا نظريا ولا تتسم بالوضوح المعرفي والبيداغوجي.



وفي نفس الموضوع ساهم الأستاذ عبد اللطيف سبيريتو (مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، فاس/ مكناس) بمداخلة بعنوان: "دور الكفايات لدى المربيات والمربين في تحسين القراءة  والكتابة في التعليم ما قبل المدرسي" جرد فيها الإصلاحات المتوالية التي تعاقبت على مجال التعليم الأولي، والتي يعود جانب من فشلها إلى عدم عنايتها بتكوين المربين والمربيات. وذهب المتدخل إلى أن الارتقاء بالكفايات المهنية والمعرفية للممارسين هي أنسب مدخل لتجويد التعليم الأولي بعامة، وتعليم القراءة والكتابة على الخصوص.
ثم تدخل الأستاذ الصديق الهاشمي (باحث من المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي) في موضوع: L’entrée dans l’écriture et la lecture des enfants en bas age : de l’alphabetisation à la littératie حيث أكد على العلاقة بين المنطوق والمكتوب ودور اللغة الأم في الإعداد المبكر لتعلم القراءة والكتابة حتى قبل ولوج الطفل إلى مؤسسات التعليم الأولي. كما ألمح المتدخل إلى دور العامل السوسيوثقافي في وتيرة التعلمات وفي الانتقال السلس من المضامين والمهارات المكتسبة في البيت إلى تلك التي تكتسب في البيئة التربوية المدرسية.
أما المداخلة الرابعة والأخيرة في هذه الجلسة فألقتها الأستاذة فاطمة الزهراء منصف (باحثة من المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي) حيث أشارت فيها إلى خصوصيات مراحل النمو لدى الطفل، وتأثير الأسرة والمحيط على اكتساب المهارات وتطورها. كما تطرقت إلى دور القراءة كجزء من النظام اللغوي للطفل على المستوى الوظيفي، وألمحت إلى الدور الحاسم الذي يلعبه المربون والمربيات كوسطاء بين الطفل والمادة القرائية، مما يفرض العناية بإكسابهم الكفايات المهنية اللازمة، وتعريفهم بالبيداغوجيات الناجعة للاضطلاع بمهمتهم على أحسن وجه.
وقبل رفع الجلسة لاستراحة شاي، فتح باب النقاش، فتدخل عدد كبير من الحاضرين بين سائل ومستوضح ومعقب. وقد انصبت معظم تدخلات الجمهور حول التفاوت القائم بين أنواع التعليم الأولي ببلادنا، وحول غيابه في البوادي مما يضرب مبدأ التكافؤ بين أطفال المغاربة. كما أثارت بعض التدخلات الممارسات البيداغوجية غير السليمة المرتبطة بتعليم القراءة والكتابة التي تصادف في كثير من مؤسسات التعليم الأولي.



افتتحت الجلسة الثانية التي أدارها الأستاذ يعقوب العسري (أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، فاس مكناس) بمداخلة للأستاذ محمد عزاوي (أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق) بعنوان: De la communication concrète à l’abstraction de l’alphabet التي ذهب فيها إلى أن الانتقال من التواصل غير الممأسس داخل الأسرة إلى التواصل المقنن القائم على الشروع في تعلم القراءة والكتابة يشكل بالنسبة للطفل الصغير قطيعة سيميائية. فالربط بين الصوت والحرف، وتعدد صور الحرف الواحد يتطلب من الطفل نشاطا تجريديا قد يشوش على إدراكه لنفسه ومحيطه.
أما مداخلة الأستاذ محمد الصيفي (أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، الرباط القنيطرة) فتمحورت حول "فعالية الغناء التربوي في تنمية الكفايات القرائية"، وحاول فيها إبراز كيف أن للغناء كنشاط لعبي وأداة ديداكتيكية داخل الفصل دورا فاعلا في تنمية كفايات الطفل القرائية.
وجاءت المداخلة الثالثة في هذه الجلسة بعنوان: "التربية التشكيلية ودورها في تنمية مهارات الكتابة في التعليم الأولي" للأستاذ المصطفى المودني (أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، فاس/ مكناس). وقد أكد فيها على دور الفنون التشكيلية والغرافية عموما في تنمية الحس الجمالي لدى الطفل، وتربية ذوقه الفني، لكنها تساهم أيضا في تعزيز الكفايات المرتبطة بالوظيفة اللغوية، لاسيما فيما يتعلق بجانبها الكتابي.
 وتمحورت المداخلة الخامسة للأستاذ محمد العلمي (أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، فاس/مكناس) حول "دور المربيات والمربين في تحسين ما قبل القراءة والما قبل الكتابة"، إذ شرع الباحث بالإشارة إلى صعوبات تعلم القراءة والكتابة في هذه المرحلة الحاسمة من النمو السيكولوجي والمعرفي للطفل مما يستلزم الاشتغال على مختلف الذكاءات. وقد ألحت المداخلة على دور تكوين المربيات والمربين في تذليل تلك الصعوبات التي يواجهها الأطفال في التعلم المبكر للقراءة.
وكانت آخر مداخلة في هذه الجلسة بعنوان "الصورة كمدخل لتعلم القراءة والكتابة في التعليم الأولي" للأستاذ محمد العماري (أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية وا لتكوين، فاس/ مكناس) أبرز فيها كيف أن الطفل يكتسب بشكل تلقائي، ومنذ سن مبكرة، آليات قراءة الصورة، على الأقل في مستواها التصريحي، وهي آليات تهيئه لاكتساب مهارات قراءة اللغة المكتوبة لاحقا.
ثم فتح الباب أمام الجمهور ليتفاعل مع المتدخلين، فجاءت الأسئلة والملاحظات والتعقيبات غزيرة ومتنوعة في جو يطبعه الحوار المثمر.
وفي فترة بعد الزوال نظمت ثلاث ورشات لفائدة ما يفوق مائة مربية ومرب، يشتغلون بالقطاعين العمومي والخاص. وقد نشط الورشة الأولى الأستاذ محمد الصيفي، وتمحورت حول موضوع "فعالية الغناء التربوي في تنمية الكفايات القرائية"، بحيث قدم الأستاذ الصيفي للمربيات والمربين نماذج من الأنشطة الغنائية التي يمكن الاستعانة بها لإعداد الأطفال الصغار لتعلم القراءة والكتابة.
أما الورشة الثانية فنشطتها الأستاذة ليلى بنجلون (أستاذة علم النفس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط)، إذ شرعت بتقديم بعض المعطيات العلمية والمستجدات في الحقل السيكولوجي المعرفي بخصوص آليات اكتساب مهارة القراءة بمرحلة ما قبل التمدرس، ثم عملت على تحديد الكفايات التي ينبغي تطويرها قبل عملية تعلم القراءة وأثناءها، لتنهي إلى اقتراح أنشطة تطبيقية لتفعيل وتطوير تلك الكفايات التي تهيء الطفل ليصر قادرا على تفكيك شفرة الرموز الكتابية.
ونشطت الورشة الثالثة الأستاذة سعيدة خاما (مؤطرة بيداغوجية بالمؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي) وكانت في موضوع "الصعوبات القرائية في مرحلة ما قبل التمدرس"، حيث عمدت إلى جرد الصعوبات التي يواجهها الأطفال في تعلم القراءة، ووزعت المشاركات والمشاركين إلى مجموعات ثم طلبت منهم أن يقترحوا حلولا لتلك الصعوبات من خلال بناء أنشطة ديداكتيكية.

وفي جلسة اختتام الندوة قدم مقررو ومقررات الورشات تقارير عن ورشاتهم على سبيل التقاسم، ثم فتح باب النقاش، فدارت كل التدخلات حول أهمية هذا التلاقح بين الباحثين وبين الممارسين من مربيات ومربين. كما عبر المتدخلون والمتدخلات من المستفيدين والمستفيدات عن حاجتهم إلى مثل هذه التكوينات، وعن أملهم في أن تتكرر. واختتمت الندوة بتجديد الشكر للسادة الأساتذة المحاضرين ولإدارة المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين ولأعضاء فريق البحث في التعليم الأولي والتربية غير المدرسية، ولأطر المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي وللجمهور الغفير الذي تابع الندوة، سواء ممن حضروا العروض النظرية وأغنوها بتدخلاتهم، أو ممن استفادوا من الورشات التكوينة.

أنجز التقرير منسق فريق البحث في التعليم الاولي و التربية ما قبل المدرسية - د محمد التهامي العماري






Post a Comment

إضافة تعليق على الموضوع مع عدم تضمنه لعبارات مسيئة
شكرا على مشاركتكم

أحدث أقدم