تلاميذ مجموعة مدارس الهناء سكول بآسفي ينخرطون في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة

 


الربورتاج الصحفي بعنوان: التنوع البيولوجي بإقليم آسفي: موارد متنوعة مشهودة تُفْضِي إلى التنمية المستدامة الموعودة، من إنجاز التلميذات: كوثر الموسني وندي اتوينبة وحفصة مزوار وإحسان داني، وبتأطير من الأستاذ نبيل الهومي.

 

۞ على سبيل البدء ۞

فتح أمام الإقليم منافذ الظهور والبروز، وأذاع صيته في البقاع وجعل خيراته تنساب في الآفاق، يُشَكِّلُ لسُكَّانِه مصدر حياة وعطاء، لَوْلاَهُ ما عاشت كثير من الأسر المتواجدة بالإقليم، فهو طَوْقُ نَجَاةٍ يَقِيهَا من الفقر، ويوفر لها حياة كريمة تُمَكِّنُهَا من سُبُلَ السعادة والهناء، عناصره متعددة؛ جَوْهَرُهَا ثَرَوَاتٌ حيوانية، ومضمونها خيرات نباتية خضراء. إنه بِيَسِيرِ العبارة التنوع الببيولوجي الذي يعرفه إقليم آسفي، ويجعل منه علامة مميزة على الصعيد الوطني ماضيا وحاضرا ومستقبلا، ويضمن له، بذلك، تحقيق التنمية، التي لم تعد بفضله أملا بل أصبحت حقيقة ظاهرة. فريق الربورتاج الصحفي فتح منافذ البحث وجنح إلى التنقيب والسؤال بغرض معرفة مظاهر التنوع البيولوجي التي يكتنزها إقليم آسفي، واستجلاء العوامل المساهمة في ثرائه وديمومته، بشكل يجعله رافعة هامة تحقق التنمية المستدامة الشاملة.

۞  إقليم آسفي: إشارات وإضاءات ۞

يعد إقليم آسفي أحد الأقاليم المشكلة لجهة مراكش آسفي، يضم حوالي 691.983 ألف نسمة بناء على الإحصاءات التي  أجريت سنة 2014، تشكل آسفي عاصمة الإقليم، وهي تفوح  بعراقة تاريخها؛ الذي اهْتَبَلَ به العديد من الكتاب والشعراء، فَوَسَمَهَا ابن خلدون بِوَسْمِ "حاضرة المحيط"، وذكرها الرَّحَّالَةُ الشهير ابن بطوطة في مذكراته التي ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة.

تعاقب على آسفي أقوام كُثُرٌ من قبيل القرطاجيين والبرتغاليين، وخلفوا آثارا شاهدة على أيامهم، وقد حفظت لنا كتب التاريخ أيضا أحداثا كبرى شهدتها المدينة، يبقى أبرزها وصول القائد عقبة بن نافع إليها سنة 681 م، ونشره لتعاليم الدين الإسلامي داخلها. لقد شكلت آسفي، على امتداد التاريخ، ملاذا للتعايش بين مختلف الأجناس، وليس ذلك بغريب على المدينة، فأهلها اشتهروا بالطيبة وكرم الضيافة، ما جعل الوزير الأديب الشاعر محمـد بن إدريس العمراوي يثني على أهل آسفي، قائلا:

إِنْ لَمْ تُعَاشِرْ أُنَاسًا خَيَّمُوا آسَفِي

                                                       فَقُلْ عَلَى عُمْرٍ قَدْ ضَاعَ وَا أَسَفِي

يعد إقليم آسفي منطقة ذات تنوع بيلوجي هام، حيث تتنوع المناخات والبيئات فيه لتشمل المناطق الساحلية والجبلية والصحراوية.

الْغِنى النباتي بإقليم آسفي: مظاهر فلاحية ثَرِيَّة تعِد بتنمية حقيقية

تشتهر حاضرة المحيط بإنتاجها الفلاحي المتنوع، ومن ذلك زراعة الشمندر، وأشجار الزيتون، والكبَّار، والخضر والحبوب وغيرها. وينتج الإقليم كميات وفيرة من العناصر الفلاحية السابقة. يساعده في ذلك وفرة الأراضي الزراعية وشساعتها ولاسيما بمنطقة "جمعة سحيم"، وعليه، يحقق الإقليم اكتفاء ذاتيا لساكنته على مستوى المنتوجات الفلاحية، بل إنه يتجاوز الاكتفاء المحلي إلى المساهمة في تغطية الحاجيات الوطنية؛ إذ يعد أحد أهم الأقاليم تزويدا للبلاد بالخضر والفواكه والحبوب وغيرها. وتساهم الموارد الفلاحية في خلق مناصب شغل لساكنة الإقليم؛ إذ تشغل يدا عاملة مهمة بشكل موسمي أو بشكل دائم. ويساهم الإقليم بشكل كبير في الإنتاج الوطني للعديد من الزراعات، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يعد إقليم آسفي أهم منطقة منتجة للكبَّار في المغرب؛ إذ تقدر مساحته المزروعة بسبعة آلاف هكتار، ما يساهم في إنتاج المغرب أربعة عشر ألف طن من الكبَّار تُصَدَّرُ سنويا، بقيمة مالية  تصل إلى حوالي 25 مليون دولار سنويا، وتبعا لذلك، يتبوأ المغرب المرتبة الأولى عالميا في إنتاج هذه النبتة.

والأكيد أن جودة الفلاحة بإقليم آسفي راجعة إلى التربة الغنية التي تتميز بها حاضرة المحيط، وأهمها تربة "التيرس" التي تمثل أغلبية مساحة آسفي، فهي تشكل حوالي 70000 هكتار خاصة بمنطقة "جمعة سحيم"، بالإضافة إلى وجود تربة "بياضة" المنتشرة بشمال آسفي، ويسميها الفلاحون أيضا باسم "الحمري" وتصل مساحتها الإجمالية إلى حوالي 80000 هكتار. ويتميز هذا النوع من التربة بكونه لا يتطلب كميات كبيرة من الماء، كما أنه يتلاءم مع زراعة جميع أنواع الحبوب، كالقمح والشعير والذرة والعدس..، وكذا مختلف أنواع الأشجار كالتين والزيتون. وأخيرا، تهيمن أراضي "الرّمل" على طول الساحل العبدي في شكل تلال ساحلية تقيم حاجزا طبيعيا يفصل بين البحر المحيط وشواطئه والساحل الصخري الفاقد لتربته بسبب عوامل التعرية.

وفي ما يخص الإنتاج الحيواني تُعَدُّ آسفي المزود الأول للإقليم على مستوى اللحوم، وتساهم بشكل كبير، إلى جانب أقاليم جهة مراكش آسفي، ب ٪ 18 من إنتاج الحليب، و ٪ 12 من

إنتاج اللحوم على المستوى الوطني، وتبعا لهذا الإنتاج الحيواني الواعد تنتشر على تراب إقليم آسفي مجموعة من التعاونيات التي تختص في جمع الحليب وبيعه وتسويقه جهويا ووطنيا، بشكل يؤمن حاجيات المغاربة من هذه المادة، إضافة إلى أن الإقليم يضم مجازر عصرية تُعْنَى بذبح الأبقار والمواشي بطرق عصرية تستجيب لمعايير السلامة المعتمدة، ضامنة بذلك جودة اللحوم المعروضة.

وعلاقة بالحيوانات، يعرف إقليم آسفي ظهور نوع من القطط يعرف ب "القط المُرَقَّطُ" ظهر مؤخر بمنطقة "ولاد سلمان" ويعد هذا القط من فصيلة النمور، وذلك لِشَبَهِهِ الكبير بها. أما بالنسبة للزواحف، فيتميز الإقليم بالضفادع بأنواعها المتعددة، كما تهاجر إلى حاضرة المحيط عدة فراشات، من صنف: "المنقوشة"، و"أمير البحر"، ثم "النحاسية".

الإنتاج السمكي بإقليم آسفي: آفاق تنموية رائدة في ظل مؤهلات بحرية واعدة

يعد قطاع الصيد البحري من أهم القطاعات التي تميز المدينة منذ سنوات عديدة، ويشتهر الإقليم بسمك السردين الذي تُعرف به المدينة وطنيا ودوليا، وهو بمثابة رافد سياحي يجلب متذوقيه إلى حاضرة المحيط قصد التلذذ بطعمه اللذيذ والمفيد. يُشَغِّلُ قطاع الصيد البحري 12 ألفا و 600 بحار، وحسب أرقام مندوبية الصيد البحري بآسفي، بلغت نسبة الإنتاج سنة 2018 42 ألف طن بقيمة مالية تجاوزت 290 مليون درهم. وارتباطا بهذا الغنى عرفت آسفي مجموعة من الوحدات الصناعية، منها 19 معملا لتصبير السمك يشغل 20.000 يدا عاملة أغلبها نساء، يساعدهن تصبير السمك في إعالة أسرهن وتوفير مدخول قار يقيهن مغبة السؤال.

مناخ آسفي: تنوع يخلق فرصا أكبر للاستثمار

يتسم مناخ آسفي بكونه شبه جاف في فصل الصيف خاصة ما بين شهري ماي وأكتوبر، ويكون رطبا ممطرا في فصل الشتاء، ويتأثر هذا المناخ بشكل كبير بالمظاهر الطبيعية المحيطة بالمدينة. وتشمل هذه المظاهر الجبال والمحيطات والبحيرات الصغيرة، وقليلا ما تصل درجات الحرارة بآسفي إلى ما تحت الصفر، والعادة أن تتراوح الدرجة ما بين 12 و26 درجة في فصل الشتاء.

ويشكل هذا المناخ المتنوع الذي تعرفه آسفي عاملا مساعدا لتحقيق نمو اقتصادي مستدام؛ إذ شَجَّعَ، وسيُشَجِّعُ، العديد من المستثمرين على إقامة مشاريع مختلفة بتراب الإقليم تعود، على ساكنته، بالنفع الكثير والخير العميم.

                                ۞ على سبيل الختم ۞

التنوع البيولوجي غِنًى كَثِير، هو بالنسبة لسكان إقليم آسفي، بمثابة قَمَرٍ مُنِير، يُضِيءُ لَهُمْ دُرُوبَ التنمية ويسير بهم نحو تَقَدُّمٍ كَبِير.

نبيل الهومي: مؤطر فريق الصحفيين الشباب بالمؤسسة

Post a Comment

إضافة تعليق على الموضوع مع عدم تضمنه لعبارات مسيئة
شكرا على مشاركتكم

أحدث أقدم