الاستعانة بالمؤثرين..جدل مستمر

 


أثارت استعانة قطاعات حكومية بعدد من صناع المحتوى أو النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ممن يسمون بـ"المؤثرين" للتسويق للسياسات العمومية نقاشات حول مدى فعالية هذا الإجراء في إقناع المواطنين بمدى نجاعة هذه السياسات.

استدعت وزارة السياحة عددا من الشباب "المؤثرين" خلال تقديم برنامج "فرصة"، الساعي إلى دعم ومواكبة 10 آلاف مشروع، وقبلها استقبل وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، عددا من هؤلاء الشباب الذين ينشطون في مجالات الكوميديا والموضة والفن وصناعة المحتوى، للاستماع إلى مقترحاتهم بخصوص إصلاح التعليم.

وتوزّع النقاش حول هذا الإجراء بين معارض اعتبر أن الترويج للسياسات الحكومية يجب أن يكون بطريقة تعليمية عن طريق خبراء مختصين في هذا المجال، فيما يرى آخرون أن هذا الإجراء نتيجة طبيعية باعتبار الدور الكبير الذي تشغله مواقع التواصل الاجتماعي في حياة المواطنين، حيث أصبحت تحتل أهمية كبيرة كمصدر أساسي للحصول على الأخبار.

وتُبرّر الحكومة انفتاحها على "المؤثرين" في التسويق لبعض البرامج الحكومية، خصوصا تلك الموجهة للشباب، بكون أن أغلب المنتمين لهذه الفئة المستهدفة هم من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، كما يدخل هذا الإجراء في إطار سياسة الانفتاح على أفكار جميع الفاعلين.

أين الكفاءة؟

يرى عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس أكدال-الرباط، أن الاستعانة بـ"المؤثرين" في الترويج للسياسات العمومية يعد مبادرة محمودة، على اعتبار الدور الذي تلعبه هذه الفئة في تبسيط الأمور وتقديمها إلى الرأي العام، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمتلك هؤلاء الشباب ما يلزم من الكفاءة لإتقان هذا العمل البيداغوجي؟

وقال بنخطاب في تصريح صحفي إنه مهما بلغ المجهود الذي يتم بدله في سن وتنفيذ السياسات العمومية، يبقى الجانب التواصلي عنصرا أساسيا لكي يتم قبولها من المتلقي، "لذلك يتوجب على القطاعات الحكومية نهج مقاربة تواصلية ناجعة لإقناع الرأي العام بجدوى ونجاعة هذه السياسات، وأيضا بطبيعتها الاجتماعية".

وأبرز أستاذ العلوم السياسية، المتخصص في التواصل السياسي، أن ما يلاحظ خلال الاستعانة بمن يسمون بـ"المؤثرين" خلال تقديم أي برنامج يتعلق بالسياسات العمومية هو تغليب الجانب الاحتفالي، في حين أن هذا الأمر يتطلب خبراء مختصين في هذا الجانب لديهم الكفاءة لتبسيط هذه السياسات وعرضها للمتلقي بطريقة تعليمية مبسطة.

وتابع المتحدث ذاته، أن الهدف الأساسي للعمل التواصلي في ما يتعلق بالبرامج الحكومية، هو الاقتناع بنجاعة هذه الأوراش أولا، والانخراط فيها ثانيا، "مما يتطلب نهج مقاربة بيداغوجية ديداكتيكية، وهذا ما يفتقده كثير من المؤثرين".

المؤثرون .. أي تأثير !؟

اعتبر حسن قرنفل، أستاذ علم الاجتماع السياسي، وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة، أن توظيف ما يطلق عليهم "المؤثرين" في الترويج لبعض البرامج أو مظاهر السياسة العمومية ظاهرة حديثة بعد أن كان الارتكاز في التواصل منحصرا في تنظيم ندوات ولقاءات، والاستعانة بالجرائد ووسائل الإعلام.

وأوضح قرنفل في تصريح صحفي له أن تنامي الاستعانة بالمؤثرين راجع إلى اعتبارهم قوة اجتماعية افتراضية، بفعل العدد الكبير الذي يمتلكونه من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويرى أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن السؤال الغائب في هذه المعادلة هو: هل يكفي أن يكون لشخص ما عدد كبير من المتابعين لكي يكون مؤثرا؟، مشيرا إلى أن "المتابعين الافتراضيين لأي شخصية لا يعني بالضرورة أنهم يتفقون معه ويتبنون أفكاره السياسية والاجتماعية".

وأبرز المتحدث ذاته، أن متابعة شخص ما لحزب سياسي معين مثلا يعني التصويت لصالحه والدفاع عن أفكاره ومساندته في الأزمات، فيما تبقى صورة وشعبية "المؤثر" رهينة بمزاجية المتابعين بناء على الأحداث اليومية، إضافة إلى أن العلاقة بين عدد كبير من المتابعين والشخصيات التي يتابعونها على وسائل التواصل الاجتماعي مبنية أساسا على الفضول، وهذا لا يعني بالضرورة تبني أفكارها.


عن موقع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية

Post a Comment

إضافة تعليق على الموضوع مع عدم تضمنه لعبارات مسيئة
شكرا على مشاركتكم

أحدث أقدم