بعد إنجاز المنتخب المغربي.. الرياضة المدرسية لبنة أساسية لاكتشاف المواهب

 


بعد الإنجاز التاريخي الذي حققه المنتخب الوطني المغربي في مونديال قطر 2022، والذي رفع من سقف طموح المغاربة في البطولات المقبلة، تعالت أصوات المهتمين بالشأن الرياضي من أجل استثمار هذا الإنجاز بالمدرسة المغربية، العمومية والخاصة، وذلك لكون الرياضة المدرسية تشكل اللبنة الأساسية لاكتشاف المواهب الرياضية في سن مبكرة ومواكبتها.

تشتغل وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في إطار خارطة الطريق من أجل مدرسة عمومية ذات جودة 2022-2026، على طرق تحقيق التميز الرياضي والدراسي للتلاميذ الرياضيين الموهوبين، عن طريق تمكينهم من المزاوجة بين التكوين الأكاديمي والرياضي.

تشجيع الرياضة المدرسية

وتم لهذه الغاية إحداث مسارات ومسالك "رياضة ودراسة" في إطار الاتفاقية الإطار للشراكة الموقعة أمام أنظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم 17 شتنبر 2018، إلا أن ذلك لم يحقق كافة الأهداف المنشودة بالنظر لاستمرار بعض الإشكالات التي تعيق تطور الرياضة المدرسية.

وفي هذا الإطار، تطرق الإطار الوطني حسن بوزية، وهو كذلك أستاذ لمادة التربية البدنية، إلى أربعة مستويات أساسية يجب الاشتغال عليها من أجل تشجيع الرياضة المدرسية؛ على رأسها تخصيص وقت وإمكانيات هامة لهذه الرياضة داخل المؤسسات التعليمية، مشيرا إلى أن حصة التربية البدنية وحدها غير كافية لاكتشاف المواهب الرياضية وتطويرها.

وأوضح بوزية، في تصريح لـه، أن أساتذة التربية البدنية لهم مهمة تربوية ورياضية؛ إذ تروم الأولى إعطاء دروس للتربية البدنية لكافة التلاميذ، والثانية تخصيص مواقيت لممارسة الرياضات.

وأشار، في هذا الإطار، إلى تخصيص مجموعة من المدراس للفترة الزوالية من يوم الأربعاء ويوم الجمعة للحصص الرياضية، والتي تسمى بحصص الجمعية المغربية للرياضة المدرسية.

وأضاف أن هذه الأنشطة هي التي تمكن من التعرف على التلاميذ الموهوبين في رياضات معينة والذين يتميزون على باقي زملائهم، ليقوم حينها الأساتذة بمهمة الانتقاء والتوجيه الرياضي.

ولذلك شدد أستاذ التربية الوطنية، والذي فاز ببطولات مدرسية على الصعيدين الوطني والدولي، على ضرورة تحديد استعمال زمن معين يسمح للتلميذ بالمشاركة في الجمعية الرياضية التابعة لمؤسسته.

وأكد، في السياق ذاته، أن أستاذ التربية البدنية من شأنه مساعدة الجامعات الرياضية بمختلف تخصصاتها على اكتشاف هذه المواهب ومواكبتها، مبرزا، في المقابل، أن عدم الاهتمام بالرياضة المدرسية يؤدي إلى تراجع في عدد كبير من الرياضات، وذلك بالنظر إلى أهمية الاشتغال على التكوين الرياضي للأطفال منذ سن مبكرة لإنتاج مواهب حقيقية.

التكوين المستمر

أما المستوى الثاني، فيتعلق وفق الإطار الوطني، بالعمل على تكوين أساتذة التربية البدنية بشكل مستمر في الرياضات، وفي التخصص الذي يميلون إليه، مؤكدا على ضرورة تضمن هذا التكوين لكافة المستجدات الكروية والرياضية بصفة عامة والتي تتغير كل سنة ومع كل تظاهرة عالمية.

فيما يهم المستوى الثالث، خلق أكاديميات جديدة لكرة القدم، بالنظر لكونها اللعبة الأكثر شعبية، وذلك عبر تخصيص أكاديمية لكل جهة، من أجل تقريب التكوين في كرة القدم من الأطفال الموهوبين الذين يقطنون في مدن بعيدة عن أكاديمية محمد السادس لكرة القدم في سلا.

وبعدما أشاد بالعمل الذي تقوم به هذه الأكاديمية في صناعة المواهب الكروية، أوضح بوزية أن باقي المدن والجهات تزخر أيضا بمواهب كروية تتطلب تكوينا خاصا، مشيرا إلى أن قرب مركز التكوين من الأهل يعد أساسيا بالنظر لصغر سن هؤلاء الأطفال ولتفادي أي خلل عاطفي يمكن أن يتسبب فيه الابتعاد عن الأهل في هذه السن.

أما المستوى الرابع، فيكمن، وفق المتحدث ذاته، في ضرورة اهتمام الجامعات المختصة بشراكة مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالتجهيزات والبنيات التحتية، وذلك عبر إصلاح وتجهيز الملاعب، مؤكدا أن المدارس العمومية تزخر بمساحات هامة لخلق ملاعب جديدة وتأهيلها من أجل استغلالها من طرف التلاميذ وباقي الأطفال الموهوبين في مختلف الرياضات.

ودعا الإطار الوطني، في هذا الصدد، إلى عدم الاقتصار على التكوين في كرة القدم فقط، بل تحقيق قفزة نوعية في جميع الرياضات التي من شأنها رفع راية المغرب، مشيرا إلى أن أقصر طريق لتحقيق ذلك هو المدرسة لكونها تضم جميع الأطفال وتسهل عملية اكتشاف المواهب الرياضية، والدفع بها.

الرياضة في التعليم الخصوصي

من جهتها، أشادت رابطة التعليم الخاص بالمغرب، بالإنجاز التاريخي لأسود الأطلس في كأس العالم قطر 2022، داعية وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلى تسريع تبني وإطلاق برنامج "كرة القدم من أجل المدارس" الذي أطلقه الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" بشراكة مع الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن هذا البرنامج يساعد على تعميم القيم الإيجابية من كرة القدم إلى قطاع التربية والتعليم، وتنمية الأطفال من خلال تشجيع السلوك الإيجابي، ويمكن التلاميذ من اتخاذ قراراتهم بأنفسهم، وتحمل المسؤولية في بيئة حاضنة وداعمة.

وفي ما يتعلق بمختلف الإشكالات التي تواجه القطاع من أجل تطوير الرياضة المدرسية، أوضح رئيس المكتب الجهوي لرابطة التعليم الخاص بالمغرب بمراكش أسفي، حفيظ الكبلي، أن الأمر يتعلق بعدم توفر مجموعة من المدارس الخاصة على فضاءات وملاعب لممارسة الرياضة المدرسية، مشيرا، في تصريح لـه، أن المدارس تعوض ذلك بشراكات مع التعليم العمومي لممارسة الرياضة بملاعبها، فضلا عن استغلال ملاعب القرب، داعيا إلى توسيع هذه الاتفاقيات لتشجيع الرياضة المدرسية.

وأضاف الكبلي، أن المؤسسات الخصوصية تشارك في مختلف التظاهرات الرياضية وتعطيها اهتماما كبيرا نظرا لدورها الهام في مسار التلاميذ، كما تعبر الرابطة عن استعدادها للتنسيق مع مصالح التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، من أجل المساهمة في إنجاح البرامج الدولية الرياضية على مستوى المدرسة المغربية.

دراسة ورياضة

وسبق للجنة الوطنية الأولمبية المغربية (CNOM) ووزارة التربية الوطنية أن وقعت على اتفاقية شراكة تروم الارتقاء بالرياضة المدرسية وتوسيع قاعدة الممارسة الرياضية لتكوين أجيال قادرة على تمثيل المملكة المغربية تمثيلا مشرفا في مختلف المنافسات العربية والدولية.

كما تهدف هذه الاتفاقية إلى تمكين الرياضيين الممدرسين من تكوين رياضي معرفي وثقافي مندمج ومتوازن ومتكامل، يحقق التوفيق بين تطوير مهاراتهم الرياضية وصقل مواهبهم وتنمية قدراتهم البدنية من جهة، وبين تمكينهم من اكتساب المعارف العلمية واللغوية والثقافية الضرورية من جهة ثانية.

وبموجب مقتضيات هذه الاتفاقية الإطار، يتم إرساء مسارات ومسالك دراسة ورياضة بالمؤسسات التعليمية أو بمراكز التكوين الرياضية، وتأهيل الأطر التربوية والإدارية العاملة بالمؤسسات التعليمية في مجالات التدريب والتحكيم والتنظيم والتدبير الرياضي، وكذا إنجاز مشاريع مشتركة تهم تطوير الرياضة المدرسية والمدنية، بالإضافة إلى تبادل الخبرات والتجارب في مجال التحكيم والتدريب والتدبير ومجالات أخرى.

عن موقع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة  

Post a Comment

إضافة تعليق على الموضوع مع عدم تضمنه لعبارات مسيئة
شكرا على مشاركتكم

أحدث أقدم