أمزازي يشرع بتعميم مسالك "دراسة ورياضة" في تجربة هي الأولى عربيا وإفريقيا

صورة من الأرشيف




غطت تطورات وباء كورونا على حدث هام يتمثل في انتهاء وزارة التربية الوطنية من وضع اللمسات الأخيرة على مشروع تم تقديمه للملك محمد السادس قبل سنتين من الآن، يهم إدماج الرياضة في صلب النموذج التربوي المعتمد. لا يتعلق الأمر هنا بساعات محدودة للتربية البدنية، أو أنشطة الرياضة المدرسية، بل بخلق مسالك قائمة بذاتها إلى جانب المسالك الدراسية المعتادة، يكون فيها التلاميذ ذوو المواهب الرياضية المختلفة، قادرين على تطوير قدراتهم الجسدية والذهنية والتقنية في ممارسة رياضة معينة، وذلك بالموازاة مع دراستهم في مسلك معين أو شعبة معينة، وهذا ما لم يكن في السابق قط.
فبدل أن نكون أمام رياضيين غير متعلمين أو متعلمين غير رياضيين، فإنه، عبر شبكة من المؤسسات التعليمية النخبوية على صعيد كل الجهات، سيتم انتقاء، وفق معايير دقيقة وصارمة، نخبة من التلاميذ ذوي المواهب الرياضية ليستكملوا دراستهم بالموازاة مع ممارستهم للرياضات التي يفضلونها. وبدل أن يكون مسار الدراسة موازيا لمسار الرياضة، بحيث لا يمكن للأبطال الرياضيين أن يكونوا متعلمين والعكس صحيح، يستهدف هذا المشروع الجديد إدماج المسارين معا في مسالك موحدة، ستمكن التلاميذ من الدراسة صباحا وممارسة الرياضة زوالا طوال أيام الأسبوع، الأمر الذي سيؤدي، حسب مهندسي هذه المسارات، إلى تكوين أطباء ومهندسين ومدرسين ومحامين وتقنيين وحرفيين، وفي الوقت نفسه أبطال رياضيين.
النجاح مهنيا ورياضيا أضحى ممكنا
أرسلت وزارة التربية الوطنية إلى مختلف الأكاديميات والمديريات الإقليمية مذكرة وزارية (ربط تحميل الوثيقة أسفله) يتم فيها الإعلان رسميا عن الشروع في تنزيل مشروع «دراسة ورياضة» المقدم أمام الملك محمد السادس قبل سنتين. وحسب المذكرة المذكورة، فإن الأمر يتعلق بتنزيل لاتفاقية شراكة وقعتها الوزارة مع وزارة الشباب والرياضة أمام الملك يوم 17 شتنبر 2018، وذلك في حفل تقديم الحصيلة المرحلية والبرنامج التنفيذي في مجال دعم التمدرس وتنزيل إصلاح التربية والتكوين.
فبموجب هذه الاتفاقية، سيتم إحداث مسارات تربوية مندمجة «رياضة –دراسة»، ومسارات للتكوين المهني والتعليم العالي لفائدة الرياضيين، الهدف منها تمكين الرياضيين من تكوين رياضي ومعرفي متوازن ومتكامل، فضلا عن إحداث تكوين مهني بمراكز التكوين الرياضي المعتمدة من طرف الوزارة لتمكين الرياضيين الشباب من الاستفادة من تكوين مهني يمكنهم من ولوج سوق الشغل. وإلى جانب هذه الإمكانات، فهذه المسالك تسعى إلى إحداث تخصصات بالتعليم العالي في المجال الرياضي، ومن شأن هذه المسالك الجديدة الارتقاء بالرياضة الوطنية إلى المستويات التي تليق ببلادنا.
الأمر نفسه أكده وزير القطاع سعيد أمزازي لحظة إعطاء انطلاقة المشروع في طنجة بداية السنة الدراسية الحالية، حيث أكد أن المرحلة الأولى من هذا البرنامج الوطني أطلقت بمدينة طنجة برسم الموسم الدراسي 2019 – 2020، مذكرا، في هذا السياق، بإطلاق البرنامج ذاته، الذي يروم تمكين التلاميذ من الجمع بين ممارسة الرياضة ومتابعة الدراسة، على مستوى مدينة الدار البيضاء. وسجل الوزير أن البرنامج، الذي يجري تنفيذه بشراكة مع وزارة الثقافة والشباب والرياضة والعصب الرياضية بطنجة، سيمكن تلاميذ ثانوية الرياضيين من الاستفادة من دروس صباحية إلى غاية الواحدة والنصف زوالا، فيما سيخصص بقية اليوم إلى التمارين، سواء داخل الثانوية أو مع العصب الرياضية المنضوون فيها. وتتضمن ثانوية الرياضيين بطنجة أربع حجرات دراسية للسلك الثانوي الإعدادي، وثمان حجرات دراسية في السلك الثانوي التأهيلي، كما تتيح لحوالي 364 تلميذا يدرسون بها إمكانية متابعة التكوين في شعبتي «التربية البدنية» و«دراسة ورياضة».
برنامج «دراسة ورياضة»، الذي تم الشروع في تنفيذه هذه السنة، وسيتم تعميمه السنة الدراسية المقبلة، يستند إلى قانون 30.09 صدر سنة 2009، والذي يستهدف التوفيق بين النظام القانوني للرياضة المغربية والمستجدات التي تشهدها الساحة الدولية، مع فتح المجال لدخول فاعلين جدد للميادين، خصوصا في ما يتعلق بجانب التسيير والاستثمار، إضافة إلى وضع تصور خاص وجديد لمفهوم «الاحتراف»، وتقنين الممارسة الرياضية. هذا البرنامج هو قفزة نوعية للرياضة المغربية من الناحية القانونية والتربوية، ذلك أنه سيعود بالنفع على الأجيال القادمة من الرياضيين، حسب متتبعين للرياضة المدرسية، وسيحثهم على العمل الدؤوب بكل نزاهة واستقامة من أجل رفع راية المملكة عالية في المحافل الرياضية الدولية.

المذكرة التي أرسلتها الوزارة، والتي ينتظر أن يتم تعميم وتفعيل المشروع المتضمن فيها انطلاقا من السنة الدراسية المقبلة، ستمكن التلاميذ ذوي المواهب الرياضية من استكمال تكوينهم في الثانويات الإعدادية والتأهيلية بشكل عادي، حيث سيتم فتح أقسام دراسية على صعيد كل الأكاديميات الجهوية، على أساس تقويم تجربة أولية بدأت هذه السنة في أكاديميتي الدار البيضاء وطنجة. وأكدت المذكرة ذاتها على ضرورة اعتماد تعميم تدريجي، سيبدأ بخلق مؤسسة واحدة على صعيد كل أكاديمية كمرحلة أولى، وفي المرحلة الثانية سيتم خلق مؤسسة أو مؤسسات على صعيد كل المديريات الإقليمية، وذلك ليتمكن التلاميذ المنتمون للنوادي الرياضية من خدمات مسارات ومسالك رياضة ودراسة. أي وضع المؤسسات التعليمية رهن إشارة التلاميذ الذين يزاولون رياضة معينة بشكل عشوائي في ملاعب القرب أو النوادي الخاصة. والمهتمون بالشأن التعليمي يعرفون جيدا أن هذا القرار هو جديد تماما. ففي العقود الماضية كانت كل التكوينات المؤسساتية في مجال الرياضة المدرسية تؤدي إلى تكوين مدرسين في التربية البدنية في أحسن الأحوال، لكون التلاميذ ذوي المواهب الرياضية يجدون أنفسهم مضطرين إلى أن يختاروا في لحظة من لحظات مسارهم الدراسي بين أن يتفرغوا للرياضة ويتخلوا عن دراستهم الأكاديمية، أو التخلي عن الرياضة والتفرغ للدراسة. وفي ظل غياب محتضنين لمختلف الرياضات، باستثناء لعبة كرة القدم، التي تحظى بدعم لابأس به على صعيد بعض الأندية الرياضية الكبرى في المغرب، فإن مصير باقي الأبطال الصغار في أغلب الرياضات الأخرى هو الضياع. وهو الأمر الذي يضيع على المغرب عشرات الأبطال في مختلف الرياضات يضطرون إلى اختيار الدراسة والاكتفاء بالهواية الرياضية في أحسن الأحوال.

برنامج «دراسة ورياضة»، الذي يعد الأول من نوعه عربيا وإفريقيا، سيكرس ريادة المغرب للرياضة المدرسية في محيطه القاري والإقليمي، قياسا للنتائج المتميزة التي يحققها التلاميذ والطلبة المغاربة في مختلف المنافسات العربية والإفريقية. فهذا البرنامج سيمكن هؤلاء التلاميذ من أن يكونوا ناجحين أكاديميا وفي الوقت نفسه متفوقين بدنيا ورياضيا. وذلك عبر إحداث بنيات تربوية تمكن التلاميذ الموهوبين من الاستفادة من تكوين معرفي ورياضي متكامل ومتوازن ومندمج، يتيح إمكانية الجمع بين تطوير مهاراتهم الرياضية وصقل مواهبهم وتنمية قدراتهم البدنية من جهة، وتمكينهم من اكتساب المعارف العلمية واللغوية والثقافية الضرورية من جهة أخرى. وذلك من خلال الملاءمة بين الزمن المخصص للدراسة والزمن المخصص للتكوين الرياضي، حتى لا يؤثر ذلك على مسارهم الدراسي.
وستنطلق المسالك الجديدة، حسب هندسة الوزارة، بشكل عادي تماما كالمسالك الأخرى، حيث ستنطلق مع السنة الأولى إعدادي إلى غاية السنة الثانية ثانوي تأهيلي. وسيخضع تعليم التلاميذ الذين سيتم انتقاؤهم قصد الدراسة في هذه المسالك، للمناهج التربوية نفسها، غير أنه سيتم تكييف استعمالات الزمن مع خصوصياتها، بحيث ستخصص الفترة الصباحية للدراسة وستخصص الفترة الزوالية للرياضة. وسيشرف على دراسة هؤلاء التلاميذ أطر وزارة التربية الوطنية كما هو معتاد، بينما سيشرف على تكوينهم الرياضي أطر الأندية أو العصب أو الجامعات الرياضية تحت إشراف وزارة الشباب والرياضة. على أن يستفيد كل تلاميذ هذه المسالك من الإقامة والتغذية في المؤسسات التعليمية التي يدرسون بها.


3 تعليقات

إضافة تعليق على الموضوع مع عدم تضمنه لعبارات مسيئة
شكرا على مشاركتكم

  1. أريد التسجيل في هذه المدرسة

    ردحذف
  2. لكل رياضي مغربي
    لك مني كل الحب والود والإحترام اتمنى انأتسجل في هده المدرسة

    ردحذف

إرسال تعليق

إضافة تعليق على الموضوع مع عدم تضمنه لعبارات مسيئة
شكرا على مشاركتكم

أحدث أقدم