هذه توصيات المجلس الأعلى للتعليم لتجاوز مشاكل التوجيه المدرسي والمهني والإرشاد الجامعي

 


دعا رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الحبيب المالكي، إلى تجاوز الاختلالات التي شابت نظام التوجيه والإرشاد التربوي، والتي تساهم في نظره في تضخم وعاء الهدر المدرسي والجامعي.

جاء ذلك خلال أشغال اليوم الدراسي، حول نظام التوجيه والإرشاد، الذي ينظمه المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، اليوم الأربعاء السابع عشر من ماي، بإسهام من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ووزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.

وأكد المالكي في كلمته على أن اليوم الدراسي تمليه  الرغبة في مواكبة ومساعدة المتعلمين في بناء مشاريعهم الشخصية ، وتحديد اختياراتهم الدراسية والمهنية، مشيرا إلى أن الاختلالات التي تطال عملية وقرارات التوجيه التربوي في كل الأسلاك ومراحل التعليم، تفضي إلى هدر  للجهود والموارد المادية والبشرية، وهو ما يسهم في تضخم وعاء الهدر المدرسي والجامعي.

ويقر المالكي بمحدودية نجاعة التدابير المتخذة في مجال التوجيه التربوي، إلا أنه يرى أن ضعف انخراط الأسر والمؤسسات المهنية والاقتصادية، وما يسهم فيه المحيط الاجتماعي والثقافي والإعلامي، عوامل تسهم في الوضع الحالي لنظام التوجيه، وتشكل تحديا كبيرا لنا جميعا، للدفع بالمكتسبات المحققة إلى مستويات أرقى من الجودة والنجاعة.

ويتصور أن معالجة الاختلالات والإكراهات، تفترض مراجعة شاملة لنظام التوجيه، تستند على استكمال الترسانة القانونية الخاصة بالتوجهات المتعلقة بمنظومة التربية والتكوين، على مستوى التعليم المدرسي والجامعي والتكوين المهني.

ويوصي بالحسم في أسس ومضامين النموذج البيداغوجي الذي جاء به الإصلاح وربط نظام التوجيه بالسياسات العمومية المرتبطة بتفعيل الإصلاح التربوي والنموذج البيداغوجي (حركية المتعلم، العلاقة بسوق الشغل، ربط التعليم المدرسي والجامعي بالتكوين المهني ).

ويدعو إلى  اعتماد سيرورة تحضيرية، تستوعب مقومات وغايات النموذج البيداغوجي الجديد وأسس الإصلاح برمته، وتعزيز التشارك والتفكير مع الفاعلين جميعا.

ويشدد على تقوية نظام تقييم المكتسبات عند المتعلمين في كل الأسلاك التربوية ، وتعزيز العرض التربوي ونظام الإشهاد ومسالك الإدماج ؛ كدعامة لمنظومة التوجيه والإرشاد.

ويلح على ضرورة مراعاة الانسجام والتنسيق بين مسالك الدراسة والتكوين وإلزامية اعتماد أي مشروع للتوجيه على مبدأ التجسير والتنسيق بين القطاعات الحكومية المعنية.

وإليكم نص الكلمة كاملة :

" بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛

 

 السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة؛

 

السيد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات؛

 

كما أود أن أبلغكم اعتذار السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، لالتزامات مهنية طارئة؛

 

السيدات والسادة الأعضاء؛

السادة الأساتذة والخبراء؛

 أيها الحضور الكريم.

 يطيب لي الترحيب بكم جميعا، وشكركم على حضور أشغال هذا اليوم الدراسي، حول نظام التوجيه والإرشاد؛ والذي ينظمه المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، بإسهام من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ووزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.

 كما يطيب لي وببالغ الاعتزاز والفخر، أن أثمن – كرئيس للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي – المبادرة الملكية الكريمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية، بما تجسده هذه المبادرة السامية من دلالات رمزية قوية، وأبعاد دستورية وتاريخية وحضارية وثقافية، تسند دعائم هذه الأمة وتعضدها ؛ وتفتح آفاقا كبرى للارتقاء بمكانة المكون الأمازيغي في جميع دعائم نموذجنا التنموي، السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية كذلك. وهي مسؤوليتنا جميعا- بكل تأكيد- للتفاعل والارتقاء إلى الغايات التي ينشدها جلالته. ولا أدل من ذلك تأكيده الراسخ في الخطاب التاريخي بأجدير سنة 2001، على أن النهوض باللغة والثقافة الأمازيغية مسؤولية وطنية جماعية، وأن الأمازيغية ملك لكل المغاربة دون استثناء، ومبعث اعتزاز لهم، وتجسيد لقوة إيمانهم بالمستقبل، مستقبل مغرب التضامن والتلاحم، مغرب الجميع، القوي بوحدته الوطنية.

حضرات السيدات والسادة؛

أعتبر أن هذا اليوم الدراسي تمليه في هذه الظرفية، عدة اعتبارات ؛ لعل أهمها ورش تعديل ومراجعة مجموعة من المقتضيات التشريعية المؤطرة لمنظومة التوجيه والإرشاد ، وحاجتنا جميعا كأطراف معنية إلى الانخراط والتعاون الأمثل لإرساء نظام ناجع للتوجيه المبكر في المدرسة والجامعة ومؤسسات التكوين المهني ، ومواكبة ومساعدة المتعلمين في بناء مشاريعهم الشخصية ، وتحديد اختياراتهم الدراسية والمهنية. وهي مسارات ستثري تجربة أبنائنا دراسيا ومهنيا، وستنعكس بالتالي على جودة حياتهم، كما أنها استثمار أمثل لقدراتهم ومواهبهم وطاقاتهم.

 إننا نتتبع المآلات التي آلت إليها منظومة التوجيه التربوي في بلادنا، والإكراهات المتنوعة التي تحد من نجاعتها وفعاليتها؛ على المستوى القانوني والتدبيري ، والاختلالات التي تطال عملية وقرارات التوجيه التربوي في كل الأسلاك ومراحل التعليم؛ مع ما يشكله ذلك من هدر  للجهود والموارد المادية والبشرية ؛ وهو ما يسهم في تضخم وعاء الهدر المدرسي والجامعي.

 وإن كنا نقر “بمحدودية ” نجاعة التدابير المتخذة، في هذا المجال، فإن ضعف انخراط الأسر والمؤسسات المهنية والاقتصادية، وما يسهم فيه المحيط الاجتماعي والثقافي والإعلامي، كلها عوامل -أيضا-تسهم في الوضع الحالي لنظام التوجيه، وتشكل تحديا كبيرا لنا جميعا، للدفع بالمكتسبات المحققة إلى مستويات أرقى من الجودة والنجاعة.

حضرات السيدات والسادة؛

إن معالجة هذه الاختلالات والإكراهات، من وجهة نظرنا، تجعلنا اليوم في حاجة ملحة إلى رؤية شمولية، ومراجعة شاملة لنظام التوجيه، ترتكز على الأرضية والمستلزمات التالية:

 استكمال الترسانة القانونية الخاصة بالتوجهات المتعلقة بمنظومة التربية والتكوين، على مستوى التعليم المدرسي والجامعي والتكوين المهني (باعتبارها مرجعية أساسية وضرورية)؛

 الحسم في أسس ومضامين النموذج البيداغوجي الذي جاء به الإصلاح (في المناهج والبرامج والتكوينات وحركية المتعلمين . . . الخ ) ؛

ربط نظام التوجيه بالسياسات العمومية المرتبطة بتفعيل الإصلاح التربوي والنموذج البيداغوجي (حركية المتعلم، العلاقة بسوق الشغل، ربط التعليم المدرسي والجامعي بالتكوين المهني )؛

 اعتماد سيرورة تحضيرية، تستوعب مقومات وغايات النموذج البيداغوجي الجديد وأسس الإصلاح برمته؛ وتعزيز التشارك والتفكير مع الفاعلين جميعا؛

تقوية نظام تقييم المكتسبات عند المتعلمين في كل الأسلاك التربوية ، وتعزيز العرض التربوي ونظام الإشهاد ومسالك الإدماج ؛ كدعامة لمنظومة التوجيه والإرشاد ؛

ضرورة مراعاة الانسجام والتنسيق بين مسالك الدراسة والتكوين. وإلزامية اعتماد أي مشروع للتوجيه على مبدأ التجسير والتنسيق بين القطاعات الحكومية المعنية.

حضرات السيدات والسادة؛

 إننا نمر من مرحلة دقيقة بالغة التعقيد، ألقت بظلالها على منظومة التربية والتكوين. وهذا ما فرض على أنظمتنا التربوية والتعليمية تحديات جديدة وكبيرة. والإرشاد والتوجيه، جزء مهم من أي نظام تربوي يتطلع إلى تحقيق رؤيته المستقبلية المستدامة، وبالتالي أصبح لزاما أن نضع له منهجية تتناسب مع تحولات نظم التعليم والمهن المستقبلية وشخصية المتعلمين، والاستفادة المثلى من التقنيات الحديثة، والممكنات الرقمية، تحقيقا للغايات التي تطمح لها بلادنا مستقبلا .

 وتأسيسا على ما سبق، يشكل موضوع هذا اليوم الدراسي فرصة مهمة للتداول والنقاش مع أعضاء المجلس والخبراء والمسؤولين القطاعيين، للوقوف على مختلف جوانب هذا الموضوع، والإشكالات المرتبطة به، ومحاولة تدارك النقائص والثغرات التي يمكن أن تشوب مشاريع النصوص المعنية به، من أجل تجويدها وإحاطتها بكل ضمانات النجاعة؛ غاية في إرساء نظام جديد وشامل للتوجيه، مرتبط بمشاريع الإصلاح التربوية، وغايات النموذج البيداغوجي، ومستوف لعمق الإصلاح المنتظر الذي جاءت به الرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار .

حضرات السيدات والسادة؛

 تلكم، قناعاتنا من هذا اليوم الدراسي، وهي إبراز أولوية التفكير الجماعي والبناء التشاركي لمقترحات و توصيات يمكن استثمارها في مراجعة نظام التوجيه والإرشاد.

ولي اليقين أن الاستثمار في تقاسم عدد من الأفكار والعناصر الإطارية التي ستغني الموضوع، ستسهم في الخلوص إلى توصيات عملية تتوخى تحقيق مبدأ جوهري وغائي؛ هو مواكبة ومساعدة المتعلمين في بناء مشاريعهم الشخصية، وتحديد اختياراتهم الدراسية والمهنية بناء على ميولاتهم وملكاتهم.

وإننا سننتظر باهتمام ما سيسفر عليه هذا اليوم الدراسي من اقتراحات وتوصيات بناءة.

 وكل الشكر والتقدير للأساتذة الأجلاء، وإلى كافة المشاركات والمشاركين في هذا اللقاء الدراسي، الذين قبلوا المساهمة معنا بآرائهم ووجهات نظرهم في تسليط الضوء على موضوع لا زال يحتاج إلى إصلاحات جذرية، منخرطة في سيرورة التحولات السريعة التي يعرفها العالم.

 وختاما، أتمنى لأشغال يومكم الدراسي كامل النجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. "

 

Post a Comment

إضافة تعليق على الموضوع مع عدم تضمنه لعبارات مسيئة
شكرا على مشاركتكم

أحدث أقدم