صادقت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس
النواب، بعد جلسة طويلة أمس الثلاثاء 3 دجنبر 2025، على مشروع القانون 59.21 الخاص
بالتعليم المدرسي.
خضع المشروع لدراسة 228 تعديلا قبل أن تتم المصادقة عليه بأغلبية 11 نائبا مقابل 3 معارضين.
وكشف مسار مناقشته حجم التباين بين الأغلبية والمعارضة حول تصور كل طرف لدور الدولة، وحدود تدخل الجماعات الترابية، وموقع القطاع الخاص في المنظومة.
الوزير محمد سعد برادة دافع بقوة عن الإبقاء على الخط العام للمشروع، معتبرا أن الكثير من مقترحات المعارضة قد تغيّر فلسفة النص أو تُحمله التزامات مالية غير قابلة للتطبيق.
وفي الوقت نفسه، قبل الوزير عددا محدودا من التعديلات ذات الطابع التقني المتعلق بالصياغة، دون المساس بالاختيارات الكبرى.
إلزامية التسجيل المبكر والإبقاء على الغرامات
أبرز نقاط الإبقاء تمثلت في الاحتفاظ بالمادة 62 التي تُلزم أولياء الأمور بتسجيل أبنائهم عند سن التمدرس، تحت طائلة غرامة تتراوح بين 2000 و5000 درهم، وفي حالة العود تُضاعف العقوبة.
وهو إجراء قالت الحكومة إنه ينسجم مع سياسة مكافحة الهدر المدرسي المبكر، بينما رأت بعض المداخلات أنه قد يُثقل كاهل الأسر الفقيرة دون توفير آليات مواكبة.
وبحسب المشروع، يعتبر التسجيل في التعليم المدرسي إلزاميا لجميع الأطفال المغاربة إناثا وذكورا البالغين من العمر أربع سنوات إلى تمام ست عشرة سنة، بمن فيهم الموجودين في وضعية إعاقة أو في وضعية خاصة.
وأشار المشروع، الذي صادق عليه مجلس الحكومة الخميس 3 أبريل 2025، إلى أنه يتوجب على كل شخص ذاتي أو اعتباري مسؤول عن رعاية الطفل حسب مفهوم هذا القانون، أن يصرح به لدى أقرب مؤسسة للتعليم المدرسي من مكان إقامته داخل أجل ستة أشهر من تاريخ بلوغ الطفل من الثانية من عمره، مع العمل على تجديد هذا التصريح كل سنة إلى غاية تسجيله بإحدى مؤسسات التعليم المدرسي.
ويتعين على كل شخص ذاتي أو اعتباري مسؤول عن رعاية الطفل قانونا عند بلوغه سن التمدرس الإلزامي تسجيله بإحدى مؤسسات التعليم المدرسي، والسهر على مواظبته في الحضور والالتزام بمسايرة دروسه وأنشطته التربوية داخل مؤسسة التعليم المدرسي المسجل بها. ويمكن التصريح بالطفل أو تجديده من خلال المنصة الرقمية التي يتم إحداثها لهذا الغرض، كما تشير إلى ذلك المادة 9 من المشروع.
وأبرز المشروع أنه في حالة عدم تسجيل الطفل، تقوم الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية التابعة لها بذلك، تلقائيا، مع اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان التحاقه بمقاعد الدراسة والمواظبة على الحضور. وسيتم تحديد شروط وكيفيات تسجيل الأطفال بالتعليم المدرسي الإلزامي ومراقبة مواظبتهم بنص تنظيمي، عندما سيسلك المشروع مساره التشريعي.
وفي حال تغيير مكان إقامة الطفل المعني إلى منطقة أخرى، يجب على الأسرة أو الشخص المسؤول عن رعاية الطفل قانونا، أن يصرح به لدى أقرب مؤسسة للتعليم المدرسي من مكان إقامته مقابل وصل، وذلك داخل أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ انتقال الطفل إلى مكان إقامته الجديد.
ويُمنح للطفل عند التصريح به لدى المؤسسة معرف رفعي يتضمن بياناته الخاصة يرافقه طيلة مساره الدراسي والتكويني، مع مراعاة الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
لن تتحمل الدولة وحدها تمويل التعليم
تؤكد الوثيقة أن "الدولة والجماعات الترابية تلتزم بتعبئة كل الوسائل اللازمة لتحقيق ذلك، ولاسيما توفير مقعد بيداغوجي في أقرب مؤسسة للتعليم المدرسي لمكان إقامة الطفل، وضمان مواصلة تمدرسه إلى نهاية سلك التعليم الإلزامي الذي يشمل التعليم الابتدائي والتعليم الإعدادي".
وفي هذا الاتجاه، رفضت الحكومة مقترح إلزام الجماعات الترابية بتخصيص 25% من ميزانياتها الاستثمارية للبنية التحتية للمدارس العمومية، معتبرة أن الإجراء يصطدم بالقوانين التنظيمية للجماعات وبمبدأ استقلالية تدبيرها المالي.
وفي مقابل دعوات المعارضة إلى تكريس التزام الدولة الكامل بتمويل التعليم العمومي، شدد الوزير على إمكانية الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتوفير جزء من التمويل، مع رفض إدراج بند يُلزم الدولة وحدها بالتحمل المالي.
مكافحة الهدر المدرسي وحماية الفئات الهشة
قبلت الحكومة تعديلات تفرض على المؤسسات التعليمية (عمومية وخصوصية) اعتماد تدابير واضحة لمحاربة الهدر المدرسي وتتبع التلاميذ المهددين بالفشل، وهي نقطة ترى فيها الحكومة خطوة لتعزيز المسؤولية المشتركة داخل المنظومة.
لكن في المقابل، رفضت الأغلبية عددا من المقترحات التي وصفتها المعارضة بأنها رافعة للعدالة التعليمية، أبرزها إقرار برامج دعم مجانية وشاملة للأطفال في وضعية هشاشة وذوي الاحتياجات الخاصة، وإحداث لجان جهوية وإقليمية لحل النزاعات بين الأسر والمؤسسات التعليمية، وإحداث هيئة وطنية مستقلة لتقييم أداء الأطر التربوية.
هذا الرفض أعاد إلى الواجهة، بحسب المعارضة، سؤال قدرة المشروع على معالجة الفوارق الاجتماعية والبيداغوجية، خاصة في ظل تزايد المطالب بدعم الفئات الهشة باعتبارها الحلقة الأكثر تضررا في منظومة التعليم.
جدل التعليم الخصوصي
القسم المتعلق بالتعليم الخصوصي كان الأكثر حساسية داخل النقاش، حيث رفض الوزير مقترحات تقضي بتحديد سقف أرباح مؤسسات التعليم الخاص أو إخضاع الرسوم لموافقة مسبقة من الأكاديميات.
وبررت الحكومة موقفها هذا بضرورة احترام قواعد المنافسة الحرة.
هذا التوجه أثار نقاشا حادا داخل اللجنة، حيث اعتبرت بعض الفرق أن الدولة تُظهر "تساهلا كبيرا" مع القطاع الخاص دون مقابل كاف على مستوى الضمانات الاجتماعية للأسر، بينما ترى الحكومة أن تضييق الإطار القانوني قد يؤثر على استثمارات تشكّل جزءا من العرض التعليمي الوطني.
وبحسب الصيغة التي صودق عليها، يعاقب بغرامة من ثمانين ألف درهم إلى مائة وعشرين ألف درهم كل من أقدم دون ترخيص من الأكاديمية على فتح أو إدارة مؤسسة للتعليم المدرسي الخصوصي أو قسم داخلي أو مطعم مدرسي بها، وتوسيع مؤسسة للتعليم المدرسي الخصوصي مرخص بإحداثها سواء تعلق هذا التوسيع بالمؤسسة نفسها، أو بأحد العناصر الأساسية موضوع الترخيص الأول أو إضافة ملحقات لها، أو تغيير مقر مؤسسة التعليم المدرسي الخصوصي المرخص بفتحها، أو تغيير البرامج والمناهج المرخص بها أو استعمال كتب أجنبية بمؤسسة للتعليم المدرسي الخصوصي.
كما يمنع تسليم ديبلومات أو شهادات خاصة بمؤسسة للتعليم المدرسي الخصوصي، أو إغلاق مؤسسة التعليم المدرسي الخصوصي قبل نهاية السنة الدراسية، ما عدا في حالة وجود قوة قاهرة.
كما يعاقب بنفس الغرامة، كل من أقدم على خرق الضوابط المتعلقة بتسجيل وإعادة تسجيل المتعلمين بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، وتسجيل متعلم لا تتوفر فيه الشروط والمؤهلات التربوية المطلوبة، وحرمان المتعلم من متابعة دراسته بالمؤسسة أو رفض إعادة تسجيله بالرغم من استيفائه للمكتسبات والكفايات التربوية اللازمة.
ويُعاقب المؤسسات التي حرمت المتعلم من اجتياز الامتحانات المدرسية المتوجة بالحصول على شهادة مدرسية، ورفض تسليم المتعلم شواهد المغادرة أو الشواهد المدرسية بما فيها الشهادات التي تتوج بها الامتحانات المدرسية، وتجاوز الطاقة الاستيعابية المرخص بها.
وتتم، بحسب مشروع القانون نفسه، معاينة المخالفات
للأحكام الخاصة بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي المنصوص عليها في هذا القانون
والنصوص المتخذة لتطبيقه من طرف موظفين منتدبين لهذه الغاية من لدن الأكاديميات
الجهوية للتربية والتكوين، طبقا للتشريع المتعلق بتحليف الأعوان ومحرري المحاضر.
ويتعين عليهم تحرير محاضر تكون لها نفس قوة الإثبات التي لمحاضر ضباط الشرطة
القضائية.


إرسال تعليق
إضافة تعليق على الموضوع مع عدم تضمنه لعبارات مسيئة
شكرا على مشاركتكم